الحدث:
أفرجت طهران في حزيران/ يونيو الجاري عن الدنماركي "توماس كيمز"، وذلك بعد عدة أيام من الإفراج عن عامل الإغاثة البلجيكي "أوليفييه فانديكاستيل" ومواطنيْن نمساويين يحملان الجنسية الإيرانية. جاء ذلك كجزء من صفقة لتبادل الأسرى بين إيران وبلجيكا، أفرجت بروكسل بمقتضاها عن السكرتير الثالث لسفارة إيران في فيينا، أسد الله أسدي، المحكوم عليه بالسجن 20 عامًا بتهمة محاولة تفجير تجمع لمنظمة "مجاهدي خلق" في فرنسا.
الرأي:
تتوج عملية تبادل السجناء جهود سلطنة عُمان للوساطة بين إيران والدول الأوروبية، وذلك ضمن دور أكبر تعمل فيه مسقط على تهدئة التوترات بين طهران والغرب، وهو ما ناقشه سلطان عمان، هيثم بن طارق، خلال زيارته إلى إيران لمدة يومين في نهاية أيار/ مايو الماضي، وذلك بعد زيارة سرية قام بها كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى مسقط لإجراء محادثات مع المسؤولين العمانيين بشأن مقترح أمريكي بعقد اتفاق مؤقت مع إيران، يتضمّن تخفيف بعض العقوبات مقابل تجميد طهران لأجزاء من برنامجها النووي وتهدئة الوضع الإقليمي.
من زاوية أخرى، يمكن القول إن ملف تبادل السجناء يُوظف عادةً من قبل إيران والغرب كخطوة أولى لبناء الثقة بينهما تمهيدًا لعقد تفاهمات في ملفات أخرى، لذلك كان هو الملف الأبرز على أجندة اجتماعات المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية، روبرت مالي، مع مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، وذلك في لقاءات مباشرة هي الأولى من نوعها منذ انسحاب "ترامب" من الاتفاق النووي، بحسب ما كشفته "فايننشال تايمز" في تموز/ يونيو الجاري.
يتزامن هذا مع تأكيد مصدر إيراني مطلع على التوصل لتفاهم جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن موقع آباده بالقرب من مدينة شيراز، المعروف في تقارير الوكالة بموقع "مريوان"، وهو أحد المواقع الثلاثة التي تشهد تحقيقًا يتعلق بمزاعم عن وجود جزئيات يورانيوم مخصب بنسبة 83.7%.، وهذه كلها مؤشرات تفيد بأن احتمالات استئناف التفاوض حول الملف النووي لم تعد مستبعدة.
في السياق أيضًا، يعتبر تمكّن طهران من الإفراج عن "أسد الله أسدي" نجاحًا لسياستها في استخدام ورقة احتجاز مواطنين غربيين مشتبه بأنشطتهم للحصول على مقابل للإفراج عنهم، سواءً في شكل استعادة أموال إيرانية محتجزة لدى الغرب، كما حدث مع لندن العام الماضي حينما استعادت طهران نحو 530 مليون دولار من مستحقات صفقة بيع أسلحة معلقة منذ الإطاحة بالشاه، مقابل إفراج طهران عن اثنين من المواطنين البريطانيين، أو كما حدث من تبادل للسجناء في صفقة "أسدي". وبالتالي، يُتوقع أن تواصل طهران مستقبلًا سياسة احتجاز المواطنين الغربيين ممن توجد حولهم شبهات، بهدف المساومة عليهم للحصول على مقابل من الغرب.