الحدث:
كشفت أوساط سياسية "إسرائيلية" أن حكومة "نتنياهو" تتجه لمناقشة واحدة من أكثر خطط البناء الاستيطاني حساسية في المنطقة E1 في الضفة الغربية، والتي ستعمل على الربط بين مدينة القدس المحتلة ومستوطنة "معاليه أودوميم"، وذلك بعد تأجيلها عدة مرات في وقت سابق بسبب الضغوط الدولية. ووفقًا للمصادر، فإن الخطة تعمل على تقسيم الضفة الغربية إلى نصفين، وبالتالي ستمنع إقامة أي دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
الرأي:
منذ قدومها، تعمل حكومة الائتلاف اليميني المتطرف على تسهيل بناء البؤر الاستيطانية في مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية، وذلك بدعم من بعض وزرائها لا سيما قادة "الصهيونية الدينية". بالمقابل، يسعى "نتنياهو" من جهته لكبح جماح هؤلاء الوزراء الذين يسعون للتوسع الاستيطاني بشكل عشوائي وسريع؛ حيث يرى أن التوسع الاستيطاني لا بد أن يكون أكثر تنظيمًا من خلال ما يُعرف بـ"الاستيطان القانوني"، في محاولة منه لتجنب ردود الفعل الدولية.
وتعد الخطة المطروحة من أكثر الخطط الاستيطانية خطورة، نظرًا لتأثيرها الجغرافي على الضفة؛ حيث إن البناء الاستيطاني وفق هذه الخطة سيعمل على فصل الضفة الغربية لقسمين منفصيلين جغرافيًا، مقابل خلق سلسلة حضرية "إسرائيلية" متصلة. وبذلك، فإن مناقشة هذه الخطة تمثل تحقيقًا للدعوات المتواصلة لوزراء "الصهيونية الدينية" في الحكومة، والذين يسعون لزيادة المشاريع الاستيطانية في الضفة، إلا أن "نتنياهو" يحاول منحها شكلًا قانونيًا. فضلًا عن ذلك، فهي استجابة للاتفاقيات الائتلافية التي دعت لزيادة الاهتمام بحوالي نصف مليون مستوطن في الضفة، من خلال التوسع الاستيطاني والعمل على تجميد القرارات المتعلقة بوقف البناء في المستوطنات وتطوير البنى التحتية لها.
من جانب آخر، ستمثل هذه الخطة صفعة جديدة للسلطة الفلسطينية، لا سيما بعد تفاهمات العقبة وشرم الشيخ، التي تعهد فيها الطرفان بالتهدئة ووقف الأعمال أحادية الجانب بما فيها النشاط الاستيطاني. لكن حكومة "نتنياهو" لا تزال تمضي في سلوكها نحو التوسع الاستيطاني، وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض. ومن ثم سيكون من المرجح تجدد التوتر الأمني في الضفة الغربية، وتصعيد خطاب السلطة الفلسطينية ضد حكومة "نتنياهو".
على الصعيد الخارجي، تشكل هذه الخطوة صفعة للجهود الدولية، لا سيما الأمريكية التي تسعى لإعادة الثقة بين السلطة و"إسرائيل"؛ حيث إن هذه الخطة ستمنع إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا، الأمر الذي يثير مخاوف الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية. رغم ذلك، فإن هذه القضية تأتي في وقت حساس بالنسبة لـ"نتنياهو" الذي يرغب باستقرار العلاقة من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، فضلًا عن تلقي دعوة لزيارة البيت الأبيض، إلا أن هذا النقاش سيؤدي على الأغلب لزيادة التوتر بين "تل أبيب" وواشنطن.