الحدث:
أعلن "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" أن نحو 1000 فرد من الشرطة الألبانية هاجموا "معسكر أشرف" التابع له بالغاز المسيل للدموع، ما أدى لوفاة شخص وإصابة العشرات، فيما ألغت الشرطة الفرنسية اجتماع "المجلس الوطني" السنوي في باريس بحجة وجود خطر بتعرضه لهجوم محتمل.
الرأي:
يمثّل اقتحام أجهزة الأمن الألبانية لـ"معسكر أشرف" التابع لجماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، تطورًا جديدًا في التعامل مع الجماعة، وذلك بعد أن أشرفت واشنطن سابقًا على نقل المعسكر من العراق إلى ألبانيا لحماية أفراده من تهديدات الجماعات العراقية الموالية لإيران. وقد أعلنت الشرطة الألبانية أن عملية الاقتحام حدثت بناءً على أمر تفتيش صادر عن المحكمة الخاصة بمكافحة الفساد والجريمة المنظمة، لمصادرة خوادم وأجهزة حاسب آلي ضمن التحقيق في اتهامات موجهة للمقيمين في المعسكر، بتنفيذ جرائم تشمل "التحريض على النزاع" و"القرصنة السيبرانية". وقد جاء ذلك عقب تنفيذ "مجاهدي خلق" لهجمات سيبرانية متكررة ضد طهران، كان آخرها اختراق خوادم إيرانية والكشف عن مراسلات بين السلطات الإيرانية ودول أوروبية تختص باتفاقية تبادل للسجناء مع بلجيكا، أفرجت بروكسل بمقتضاها عن السكرتير الثالث لسفارة إيران في فيينا، أسد الله أسدي، المحكوم عليه بالسجن 20 عامًا بتهمة محاولة تفجير تجمع لمنظمة "مجاهدي خلق" في فرنسا.
وقد برّر الإعلام الألباني ما حدث بأنه يهدف للتحقيق في الخطر الذي يخلقه "النشاط المشبوه لأعضاء منظمة مجاهدي خلق على أمن ألبانيا"، مثلما يتجلى في تعرض تيرانا لهجمات سيبرانية إيرانية انتقامية، وهو ما أدى لقطع العلاقات الرسمية بين إيران وألبانيا عام 2022.
رغم هذه التبريرات، لا يمكن فصل التطورات أعلاه عن المفاوضات الأمريكية الإيرانية الجارية حاليًا، والتي طلبت فيها واشنطن من طهران وقف مهاجمة المتعاقدين الأمريكيين في العراق وسوريا، إذ من المرجح أن تكون طهران طلبت بالمقابل تقييد أنشطة "مجاهدي خلق". فرغم الاهتمام الأمريكي بـ"معسكر أشرف"؛ حيث زاره كل من وزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، في أيار/ مايو من العام الماضي، ونائب الرئيس الأمريكي السابق، مايك بنس، إلا أنه بعد اقتحام الشرطة الألبانية للمعسكر أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا، قالت فيه إنها تدعم حق الحكومة الألبانية في التحقيق في الأنشطة غير القانونية على أراضيها، وإن واشنطن لا تعتبر "مجاهدي خلق" حركة معارضة ديمقراطية مناسبة لتمثيل الشعب الإيراني.
على الجانب الآخر، فإن إلغاء السلطات الفرنسية للمؤتمر السنوي للحركة تزامنًا مع اقتحام معسكرها في ألبانيا، يشير إلى وجود ترتيبات أوروبية للتضييق على أنشطة الجماعة ضمن تفاهمات مع طهران. كما إن هذه التطورات جاءت عقب إطلاق السلطات الإيرانية سراح ستة محتجزين أوربيين لديها في أيار/ مايو الماضي، منهم مواطنان فرنسيان، رغم ذلك من غير المرجح أن يصل هذا التضييق إلى مرحلة تسليم المطلوبين إلى السلطات الإيرانية.