الحدث:
أعلنت السلطات الإيرانية في الـ 23 من تموز/ يوليو الجاري مقتل أربعة عناصر شرطة، في هجوم مسلح على دورية لشرطة الطرق بمحور خاش – تفتان في محافظة سيستان بلوشستان.
الرأي:
يُعد هذا الهجوم الأحدث ضمن سلسلة الهجمات المتصاعدة التي تشنها المجموعات المسلحة البلوشية ضد القوات الإيرانية في محافظة بلوشستان؛ ففي وقت سابق من الشهر ذاته شن أربعة مسلحين هجومًا مباغتًا على المخفر رقم 16 بمدينة زاهدان، ما أسفر عن مقتل فردين من الشرطة فضلًا عن مقتل كافة المهاجمين، فيما تبنى "جيش العدل" مسؤولية الهجوم.
من جهتها، تسعى الأجهزة الأمنية الإيرانية لتحجيم موجة الهجمات المتزايدة في بلوشستان عبر ضبط الحدود المشتركة الباكستانية الإيرانية، وهو ما ناقشته المباحثات التي عقدها كبار المسؤولين الإيرانيين مثل رئيس الدولة، إبراهيم رئيسي، ورئيس أركان القوات المسلحة، اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، خلال لقاءاتهم مع قائد الجيش الباكستاني، الجنرال عاصم منير، خلال زيارته في تموز/ يوليو إلى طهران.
بدورها، تقول طهران إن الجماعات البلوشية المسلحة، مثل "جيش العدل"، تتخذ من المناطق البلوشية في باكستان قواعد خلفية للتدريب والتسليح والانطلاق لتنفيذ هجمات داخل إيران، لذلك فإنها تطلب من إسلام أباد تعزيز أمن الحدود وتبادل المعلومات الاستخبارية وتسليم المطلوبين. بالمقابل، توجد أولويات أخرى لدى الجيش الباكستاني الذي ينشر الجزء الأكبر من قواته على الحدود مع الهند، وفي المناطق الحدودية المتاخمة لأفغانستان لمواجهة "طالبان" باكستان، ولا توجد لديه مصلحة في الاشتباك مع الجماعات المعادية لإيران طالما لا تستهدف المصالح الوطنية الباكستانية.
إن هذا الملف الشائك سبق أن أدى إلى اشتباكات حدودية خلال مطاردة القوات الإيرانية لمسلحين بلوش؛ فقد قُتل جندي باكستاني عام 2014 على يد حرس الحدود الإيراني، ووقع تبادل قصف مدفعي محدود، فيما اتهم الباكستانيون الإيرانيين مرارًا بتصدير المشاكل الداخلية إليهم.
بناءً على ما سبق، فإن ضبط الحدود المشتركة يواجه صعوبة كبيرة، نظرًا لعدم اعتراف السكان البلوش على الجانبين بالحدود الدولية، وتوظيف البعض منهم لموقع بلوشستان الجغرافي بين إيران وباكستان وأفغانستان في عمليات تهريب السلع المدعمة والمخدرات والأسلحة، فضلًا عن شعور البلوش السنة في إيران بالاضطهاد والتهميش، وهو ما تغذيه حوادث مثل قتل نحو 100 متظاهر بلوشي في أيلول/ سبتمبر 2022، خلال احتجاجهم على اغتصاب ضابط شرطة لفتاة بلوشية. وبعد هذا الحادث ارتفعت وتيرة الهجمات المسلحة، والتي تشير إلى أن الحلول الأمنية غير قادرة وحدها على كبح التمرد البلوشي الذي تغذيه أبعاد دينية وعرقية وسياسية واقتصادية.