استمرار الشكوك لدى الطرفين

اتفاق السجناء مقابل الأموال لا ينهي التوتر الأمني بين إيران وأمريكا في مياه الخليج

الساعة : 15:45
14 أغسطس 2023
اتفاق السجناء مقابل الأموال لا ينهي التوتر الأمني بين إيران وأمريكا في مياه الخليج

الحدث:

توصلت واشنطن وطهران إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح خمسة أمريكيين من أصول إيرانية محتجزين لدى طهران بتهمة التجسس، مقابل إفراج الولايات المتحدة عن سجينين إيرانيين محتجزين لديها، فضلًا عن إلغاء تجميد ستة مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني المحتجزة لدى كوريا الجنوبية، مع وضعها بحساب في البنك المركزي القطري بما يسمح لإيران باستخدامها في شراء احتياجات إنسانية مثل الأدوية والطعام.

الرأي:

يأتي الاتفاق بين طهران وواشنطن تتويجًا لعملية الوساطة بين الطرفين التي قامت بها كل من قطر وسلطنة عمان، والتي كادت أن تصل لمرحلة الاتفاق النهائي في آذار/ مارس الماضي لكنها تعرقلت إثر اعتقال طهران لمواطن أمريكي آنذاك ورفضها لضمه لصفقة الإفراج، وهو ما عزز شككوك واشنطن تجاه إقدام السلطات الإيرانية على احتجاز أفراد آخرين سعيًا لعقد صفقة ثانية لاحقة.

لكن تفاصيل الاتفاق الأخير تشير إلى استمرار شكوك كلا الطرفين تجاه بعضهما البعض؛ فإيران لم تنس بعد خطوة الانسحاب الأمريكي من طرف واحد من الاتفاق النووي عام 2015، وهو ما أدى لتضمين الاتفاق الأخير إجراءات ثقة وفق نهج "خطوة مقابل خطوة"، حيث أفرجت طهران عن الأمريكيين الخمسة مع وضعهم قيد الإقامة الجبرية بانتظار إيداع المبلغ المذكور في حساب باسمها في البنك المركزي القطري. وحين تأكدها من تنفيذ تلك الخطوة سترفع الإقامة الجبرية عن المحتجزين الخمسة لتسمح لهم بالسفر إلى الخارج، وهي عملية يتوقع أن تستغرق فترة تتراوح من أربعة إلى ستة أسابيع.

من جهة أخرى، يمهد هذا الاتفاق الطريق أمام مقترح أمريكي بعقد اتفاق مؤقت مع إيران يتضمّن تخفيف بعض العقوبات المفروضة عليها، مقابل تجميد طهران لأجزاء من برنامجها النووي وتهدئة التوترات الإقليمية. لكن واشنطن تحرص أن تطرح بجوار "جزرة" التفاوض مع إيران "عصا" التهديد؛ حيث أعلنت في آب/ أغسطس الجاري عن إرسال أكثر من ثلاثة آلاف جندي أمريكي والسفينة الهجومية البرمائية "باتان USS" وسفينة الإنزال "كارتر USS" إلى منطقة الخليج، بهدف ردع إيران عن احتجاز السفن وناقلات النفط التي تمر بمياه الخليج، ما يزيد من احتمال الاحتكاك بين القوات الأمريكية ونظيرتها الإيرانية في مياه الخليج.

بالمحصلة، يشير هذا الاتفاق إلى نجاح السياسة الإيرانية في استخدام ورقة احتجاز بعض المواطنين مزدوجي الجنسية للحصول على مقابل ثمين للإفراج عنهم، وهي السياسة التي نجحت العام الماضي باستعادة أموال إيرانية تبلغ 530 مليون دولار محتجزة لدى لندن، مقابل إفراج طهران عن اثنين من المواطنين البريطانيين من ذوي الأصول الإيرانية. ومن المرجح أن يدفع هذا طهران مستقبلًا لاستخدام تلك الورقة مجددًا للضغط على الدول الغربية، لكن بصورة عامة ستظل التوترات الأمنية، خصوصًا البحرية، قائمة في منطقة الخليج حتى التوصل لاتفاق أوسع.