الحدث:
قُتل 23 عنصرًا من عناصر النظام السوري وأصيب أكثر من عشرة آخرين، في هجوم شنه مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على حافلة عسكرية، مساء الخميس الـ11 من آب/ أغسطس الجاري في بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي. وذكرت صحيفة "النبأ" الناطقة باسم التنظيم أن خلاياه نفذت ثمان عمليات في سوريا قُتل خلالها 76 شخصًا، وذلك خلال الفترة من 27 تموز/ يوليو حتى بداية آب/ أغسطس، منها ثلاث عمليات في محافظة حماة وعمليتان في دمشق ومثلهما في دير الزور وعملية في الحسكة.
الرأي:
رغم خسارة "تنظيم الدولة" عددًا من قياداته، كان آخرهم "أبو الحسن الحسيني القريشي" الذي قُتل في اشتباك مع مسلحين آخرين يتبعون في الغالب لفصائل "الجيش الحر" التابع للمعارضة، والضربات التي تلقاها مؤخرًا خصوصًا من الجانب التركي، لا يزال التنظيم قادرًا على شن هجمات ملحوظة وعمليات نوعية في عمق مناطق النظام؛ حيث كثف التنظيم هجماته في الآونة الأخيرة بمناطق البادية السورية وعمق مناطق النظام. فبعد أن تبنى التنظيم تفجيرات بمنطقة السيدة زينب مؤخرًا، تبنى قبل أيام هجومًا آخر قُتل فيه عشرة من عناصر النظام بعد استهداف حواجز عسكرية في الرقة، التي كانت عاصمة للتنظيم قبل خسارته الأراضي التي سيطر عليها عام 2018. كما هاجم التنظيم قافلة صهاريج نفط في ريف حماة الشرقي الممتد مع مناطق البادية، وقُتل في الهجوم سبعة أشخاص أغلبهم من قوات النظام.
في هذا الإطار، يمكن القول إن اللامركزية تشكل العامل الأهم الذي ساعد خلايا التنظيم في البادية مترامية الأطراف على استعادة نشاطه، وشن هجمات عنيفة وحرب عصابات من قبل عناصره الذين يقدّر عددهم بنحو عشرة آلاف مقاتل متوزعين في سوريا والعراق. ومما ساعد التنظيم أيضًا في إعادة ترتيب صفوفه تراجع عمليات "التحالف الدولي"، وتحديدًا من جانب الولايات المتحدة التي انشغلت مؤخرًا بالمواجهة مع الميليشيات الإيرانية، نتيجة التحولات الجيوسياسية والانشغال بقضايا وأولويات أخرى. هذا، إضافةً إلى انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، وبهذا تصبح مكافحة نشاط التنظيم مقتصرةً في الغالب على بعض القوى المحلية كالنظام و"قسد" والمعارضة، التي تعاني جميعها من أزمات ومشاكل في الدعم التمويل.
في النهاية، قد يؤدي تصاعد هجمات "داعش" مجددًا إلى عودة تركيز التحالف الدولي على تتبع خلايا التنظيم في البادية، لكن من المرجح كذلك أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية وغياب أي أفق لتسوية سياسية، قد تمكّن التنظيم من استمرار التجنيد في مناطق النظام وبالتالي شن بعض الهجمات.