الحدث:
قام كل من رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، ونائبه قوباد طالباني، بزيارة إلى بغداد الخميس الماضي لحسم خلافات الرواتب وحصة الإقليم من الموازنة. وقال بارزاني محذرًا: "صبرُنا الطويل لا يعني ضعف إقليم كردستان، لكننا نرغب في حل مشاكلنا العالقة سلميًا". وذكرت شبكة "المونيتور" الدولية أن "مسرور بارزاني" أرسل برقية إلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يطلب منه التدخل "العاجل" لإنقاذ إقليم كردستان من ما وصفه بــ"الانهيار النهائي"، وأبدى قلقه الشديد من تدمير النموذج الفدرالي العراقي الذي رعته الولايات المتحدة منذ عام 2003، في حال لم يتحرك الرئيس الأمريكي شخصيًا للتأثير على الحكومة العراقية.
الرأي:
بلغت الضغوط الاقتصادية في إقليم كردستان مرحلة تهدد قدرة حكومة الإقليم على مواصلة عمل المؤسسات بشكل طبيعي؛ حيث لم يتسلم الموظفون رواتبهم منذ شهرين، ما جعل قيادة الإقليم تستنجد بالطرف الأمريكي للضغط على بغداد لدفع مستحقات الإقليم في الموازنة السنوية وحل مشكلة تصدير النفط. لكن استجابة واشنطن كانت باهتة؛ حيث دعت بغداد وأربيل إلى حل خلافاتهما عن طريق الحوار، ما جعل "مسرور بارزاني" يصعد من لغة الخطاب بالقول "إننا نريد حل خلافاتنا بشكل سلمي مع بغداد"، ما يعني أن هناك خيارات أخرى غير ودية ولا سلمية.
بدورها، طلبت حكومة بغداد صرف رواتب موظفي الإقليم بشكل مباشر من قبل الحكومة المركزية، وهو إجراء يستهدف تقويض صلاحيات سلطات الإقليم وتهميش دورها، خاصةً إذا شمل هذا الإجراء منسوبي الأجهزة الأمنية.
من جهتها، تواجه حكومة الإقليم احتمالات خروج احتجاجات شعبية ضدها، خصوصًا مع عدم وجود أي بادرة لانفراج الٲزمة مع بغداد. وقد بدأت تحركات احتجاجية بالفعل؛ حيث قرر معلمو محافظة السليمانية الإضراب عن الدوام لشلّ القطاع التعليمي في الإقليم مع بداية الفصل الدراسي، وهو تحرك قد ينتقل لباقي مدن الإقليم،الذي قد يشهد توترات خلال الفترة القادمة.
من جهة أخرى، لا يستبعد أن تقوم الأحزاب الكردية بإشعال المناطق "المتنازع عليها" أمنيًا للضغط على بغداد كما كانت تفعل في السنوات السابقة، فيما تشجع أطراف مقربة لإيران، مثل "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" على القيام بخطوات انفصالية من إقليم كردستان والارتباط بشكل مباشر بالمركز للحصول على رواتب موظفيه. وهذا من شأنه إضعاف سلطات الإقليم، وبالتالي "الحزب الديمقراطي الكردستاني" (جماعة البارزاني) المسيطر على معظم المراكز المهمة في قيادة الإقليم، وهو ما قد يفتح المجال لتوتر إضافي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين.