استراتيجية قد تخرج عن سيطرة الأطراف

مقاربة إيران تجاه حرب غزة: تجنب الحرب الشاملة وإدارة تصعيد متدرج غير مباشر

الساعة : 14:00
24 أكتوبر 2023
مقاربة إيران تجاه حرب غزة: تجنب الحرب الشاملة وإدارة تصعيد متدرج غير مباشر

الحدث:

أفاد تسعة مسؤولين إيرانيين لوكالة "رويترز" في الـ22 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بأن كبار صناع القرار في طهران توصلوا إلى توافق في الآراء بشأن نهج التعامل مع الحرب على غزة، يشمل دعم هجمات محدودة يشنها "حزب الله" اللبناني على مواقع عسكرية "إسرائيلية" بالقرب من الحدود، ودعم هجمات شبيهة للمجموعات الأخرى المتحالفة مع إيران على أهداف أمريكية في المنطقة، ومنع أي توتر من شأنه أن يورط إيران في الصراع الحالي.

الرأي:

تواجه طهران معضلة في مواجهة الهجمات "الإسرائيلية" الوحشية على قطاع غزة؛ فمن جهة تبنت ودعمت "محور المقاومة" المفترض به التنسيق المشترك والتعاون في مواجهة الاحتلال، ومن جهة أخرى تلقت تحذيرات علنية على لسان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعدم الانخراط في القتال الحالي وإلا ستواجَه برد فعل عسكري أمريكي، وهي تحذيرات عززتها واشنطن بإرسال حاملتي طائرات ومجموعتين قتاليتين بحريتين إلى المنطقة.

لكنّ طهران تخشى من تبعات استفراد "إسرائيل" بالمقاومة في غزة، وانعكاسات ذلك على قدرة المقاومة بمفردها على الصمود في ظل الدعم الأمريكي العسكري المفتوح للاحتلال؛ حيث تدرك طهران تداعيات ذلك على تماسك "محور المقاومة" مستقبلًا، فضلًا عن مخاطر استهداف "إسرائيل" للحزب لاحقًا في عملية عسكرية مستقبلية للتخلص من خطره. لكن في الوقت ذاته، فإن دخول طهران بشكل مباشر في الصراع قد يعني تحملها تكلفة كبيرة تهدد بقاء النظام ذاته، فضلًا عن استمرار المشروع النووي.

في ظل هذه المعطيات، تعمل إيران على تكثيف جهودها الدبلوماسية بجانب كل من تركيا وقطر وروسيا والسعودية، بهدف الضغط لإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة والاتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار، وذلك للحفاظ على قدرات المقاومة ومنع اجتياح غزة. كما تتبنى طهران مقاربة لتقديم دعم عسكري غير مباشر ومتدرج عبر "حزب الله" وبعض الفصائل العراقية والمجموعات الحليفة في سوريا، من خلال تنفيذ عمليات هجومية محسوبة ضد الجيش "الإسرائيلي" شمال فلسطين، وضد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق وسوريا، دون الانخراط في مواجهات أكثر اتساعًا تدفع باتجاه حرب شاملة.

في السياق ذاته، وإن كانت هناك مصلحة إيرانية أمريكية "إسرائيلية" مشتركة في تجنب حرب إقليمية أو شاملة، إلا أن مقاربة المواجهات المحدودة وغير المباشرة يمكن أن تتطور في حال تسببت إحدى الهجمات في خسائر كبيرة، تدفع الطرف المقابل للرد بشكل موسع، ما يفتح الباب أمام مواجهات أكثر حدة واتساعًا. كما إن الاجتياح البري لغزة سيدفع إيران لزيادة وتيرة نشاط الجماعات الحليفة والتابعة لها، لإشغال جيش الاحتلال في جبهات أخرى وتخفيف الضغط عن غزة، وهو ما قد يؤدي أيضًا لمستوى أوسع من التصعيد.