الحدث:
أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري إلقاء القبض على ثلاثة عملاء لجهاز "الموساد" من حملة الجنسية الإيرانية، في عملية مشتركة مع أجهزة الأمن الأفغانية، وذلك خلال تخطيطهم لإطلاق طائرات مسيرة انتحارية من الحدود الأفغانية باتجاه أهداف في إيران، مضيفةً أنه يجري الترتيب لنقلهم قريبًا إلى طهران للاستجواب.
الرأي:
يمثل إعلان إيران عن توقيف الخلية المذكورة في عملية مشتركة مع السلطات الأفغانية الحادث الأول من نوعه؛ والذي يأتي بعد توتر تخللته اشتباكات حدودية متكررة بين الطرفين منذ سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان بشكل كامل عام 2021.
بالمقابل، لا زال انتماء الموقوفين إلى "الموساد" محل شك؛ إذ لم تؤكد السلطات الأفغانية حدوث العملية المشتركة، كما لم يُعهد سابقًا عن "الموساد" استخدام المنطقة الحدودية مع أفغانستان لشن هجمات داخل إيران، في ظل وجود محطات له في كردستان العراق وأذربيجان تتولى عادة الأنشطة داخل الأراضي الإيرانية. كما أنه من المعتاد أن تنشط الجماعات المسلحة البلوشية في المناطق الحدودية بين إيران وأفغانستان وباكستان، حيث يقيم المواطنون البلوش.
من جهة أخرى، كان لافتًا تزامن الإعلان الإيراني عن توقيف الخلية مع زيارة يقوم بها نائب رئيس الوزراء الأفغاني، الملا عبدالغني برادر، على رأس وفد ضم 30 شخصًا إلى طهران لعقد الاجتماع الأوّل للجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين. وقد اجتمع "برادر" بشكل منفصل مع كل من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، علي أكبر أحمديان، ووزير الزراعة والمبعوث الخاص لإيران لشؤون أفغانستان، حسن قمي، ووزير الخارجية، حسين عبد اللهيان، حيث بحث معهم ملفات أمن الحدود وتقاسم المياه والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين.
على أي حال، فإن زيارة "برادر" وإعلان الاستخبارات الإيرانية القبض على خلية "الموساد" في أفغانستان يشيران إلى تحسن في العلاقات الأفغانية الإيرانية؛ فالملا "برادر" من مؤسسي "طالبان" الأوائل مع الملا "محمد عمر"، وشغل منصب النائب الأول للملا "عمر" بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان، كما قاد عملية التفاوض مع واشنطن التي انتهت باتفاق الدوحة الذي نص على الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
من جهتها، تسعى طهران، في ظل التوتر الحالي مع واشنطن وتل أبيب على خلفية الحرب على غزة، والتوتر مع أذربيجان على خلفية مساعيها لفتح ممر زانجيزور في أرمينيا، وحالة الجمود في الملف السوري، إلى تحسين علاقاتها مع كابل بهدف تقليل التوتر مع دول الجوار، خصوصًا في ظل عدم وجود تهديد وجودي من أفغانستان، وحاجة الأخيرة إلى المساعدة في إعادة الإعمار وتنشيط التبادل التجاري لكسر حالة الحصار المفروض عليها غربيًا.