الحدث:
أفادت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بسقوط ثلاثة قتلى وإصابة 13 آخرين بينهم ثلاثة إصابات خطيرة، في عملية إطلاق رصاص نفذها شقيقان فلسطينيان عند محطة انتظار للحافلات في ضاحية "راموت" الاستيطانية بالقدس. وأعلنت الشرطة "الإسرائيلية" أن عنصرين من جيش الاحتلال ومدني "إسرائيلي" أطلقوا النار على المنفذيْن ما أدى إلى مقتلهما، وهما الشقيقان المقدسيان، مراد وإبراهيم نمر، وهما أسيران سابقان من قرية صور باهر شرق القدس. كما أشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن الحاخام "إليمالك واسرمان"، عميد المحكمة الحاخامية في أشدود، من بين قتلى العملية، فيما تبنت حركة "حماس" العملية لاحقًا، ووصفت منفذيها بـ"الشهيدين القساميين".
الرأي:
جاءت عملية "راموت" بالقدس في وقت حرج جدًا بالنسبة لحكومة "نتنياهو"؛ حيث ينصب التركيز على الحرب في قطاع غزة ومفاوضات تمديد الهدنة الإنسانية لاستكمال تبادل الأسرى، وسط خلافات بين أعضاء الحكومة حول تمديد الهدنة لا سيما من قبل الوزير المتطرف، إيتمار بن غفير، والذي هدد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال إنهاء الحرب على غزة.
وتمثل العملية تحديًا إضافيًا للمنظومة الأمنية والاستخباراتية "الإسرائيلية"؛ نظرًا لأنها تتجاهل الإجراءات الأمنية المشددة وغير المسبوقة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي تشمل توزيع الأسلحة على المستوطنين، وتصاعد اقتحامات الجيش والأجهزة الأمنية للمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، ضمن مساعي اجتثاث مجموعات المقاومة الفلسطينية. وبالرغم من هذا الاستنفار، ستظل احتمالات وقوع عمليات مماثلة داخل العمق "الإسرائيلي" قائمة، لا سيما مع اشتراك بعض حملة بطاقة الهوية "الإسرائيلية" في هذه العمليات، الأمر الذي يمكّنهم من تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة.
ورغم أن العملية تشكل ضغطًا إضافيًا على "نتنياهو" والقيادة العسكرية والأمنية، التي تسعى لإعادة الشعور بالأمن لدى المجتمع "الإسرائيلي" بعد صدمة السابع من أكتوبر، فإنها تزيد من التفاف الرأي العام الداخلي حول الإجراءات الأمنية المشددة، سواء العملية العسكرية في غزة أو العمليات الأمنية في الضفة والإجراءات العنصرية بحق العرب في أراضي48.
وقد ظهر ذلك مبدئيًا في الإجراءات التي قررها "نتنياهو" عقب العملية؛ حيث عقد جلسة بحضور كل من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والمفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، ورئيس "الشاباك"، رونين بار، وأوعز بإغلاق وهدم منزلي "مراد وإبراهيم نمر". كما أوعز بالقيام بحملة اعتقالات واسعة النطاق لداعميهما، و"العمل ضد الجهات التي تدعمهما، بما في ذلك القيام بإجراءات اقتصادية ردًا على قيامها بمخالفات قانونية"، وهو ما يفتح المجال لاستخدام مثل هذه العمليات كمبرر لتنفيذ إجراءات انتقامية أوسع، تخدم أجندة وزراء الصهيونية الدينية بخصوص الضفة والقدس.