حرص إيراني سعودي على التهدئة المفيدة للطرفين

قنصلية إيران في جدة تستأنف عملها ضمن مؤشرات على تمسك الجانبين بنهج احتواء التوترات

الساعة : 14:00
12 ديسيمبر 2023
قنصلية إيران في جدة تستأنف عملها ضمن مؤشرات على تمسك الجانبين بنهج احتواء التوترات

الحدث:

استأنفت القنصلية العامة الايرانية في جدة عملها، في الـ11 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بعد توقف دام ثمانية أعوام؛ حيث سلم القنصل العام الإيراني الجديد في جدة، حسن زرنكار ابرقوئي، أوراق اعتماده إلى مدير عام فرع وزارة الخارجية السعودية بمنطقة مكة، مازن بن حمد الحملي، حسب تدوينة نشرها السفير الإيراني لدى السعودية، رضا عنايتي. وفي السياق نفسه، أكد رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية، محمد محمدي بخش على عدم وجود أي قيود تتعلق بإطلاق رحلات طيران مباشر بين مدن إيران والمدن السعودية المختلفة، لافتًا إلى انطلاق مفاوضات الأسبوع القادم في السعودية لمناقشة ترتيبات تسيير رحلات جوية مباشرة بين طهران والرياض.

الرأي:

تشير هذه التطورات إلى أن الجانبين يمضيان قدمًا في مسار تطبيع العلاقات، وأن تداعيات حرب غزة لم يكن لها انعكاس سلبي على خطط الجانبين في هذا الصدد، خصوصًا ما يتعلق بأنشطة الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب وإطلاق صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، والذي أثار قلقًا أمنيًا واستنفارًا من قبل سلطات المملكة.

إن تمسّك البلدين باستعادة العلاقات يرتبط بحسابات استراتيجية واسعة لدى كل طرف؛ فعلى الجانب السعودية تريد الرياض احتواء التهديدات الأمنية التي كانت أراضي المملكة عرضة لها، وتخفيف التوتر عمومًا في منطقة الخليج؛ حيث يخدم ذلك خطط ولي العهد السعودي التي تستهدف التركيز على الازدهار الاقتصادي وتحويل السعودية لمركز الأعمال الرئيسي في المنطقة، وهو أمر يتطلب بيئة أمنية مستقرة بعيدة عن التوترات.

كما تظهر هذه المصلحة السعودية في التقارير التي تحدثت عن وعود سعودية استثمارية لإيران مقابل تجنب توسيع حرب غزة إقليميًا. لذلك فإن مسار التطبيع مع إيران له بعد استراتيجي لدى الرياض، على الرغم من توقع استمرار التنافس وتراجع ثقة المملكة تجاه الأجندة الإيرانية في المنطقة.

أما على الجانب الإيراني، فإن التوصل لتفاهمات أمنية واسعة مع السعودية بصورة خاصة ودول الخليج بصورة عامة، من شأنه (وفق التقدير الإيراني) أن يحد من رغبة تلك الدول في تطوير العلاقات الأمنية مع الاحتلال "الإسرائيلي". كما يخفف ذلك من التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة والذي تضغط من أجله دول الخليج، في ظل مخاوفها من الأنشطة الإيرانية في الممرات المائية، فضلًا عن أنشطة الوكلاء التابعين لها في اليمن والعراق. وتضع إيران الأولوية لإبعاد التواجد العسكري الأمريكي عن منطقة الخليج على خلافاتها التقليدية مع السعودية، ومن ثم فإنها ستواصل على الأرجح مسار احتواء التوترات مع دول الخليج خصوصًا السعودية.