تصعيد يدل على فشل المقاربة الأمنية لهذا الملف

مقتل 11 شرطيًا إيرانيًا على يد "جيش العدل" في سياق توتر أمني مزمن في بلوشستان

الساعة : 13:30
18 ديسيمبر 2023
مقتل 11 شرطيًا إيرانيًا على يد

الحدث:

أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية في الـ15 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري مقتل 11 شرطيًا وإصابة سبعة آخرين، في هجوم على مقر شرطة مدينة راسك بمحافظة سيستان بلوشستان، فيما قُتل اثنان من المهاجمين وأصيب ثالث واعتُقل رابع. وفي بيان لها تبنت جماعة "جيش العدل" البلوشية الهجوم، مشيرةً إلى مقتل وإصابة 50 من عناصر الأمن الإيراني. ميدانيًا، حلق الطيران المروحي الإيراني على الحدود مع باكستان لتتبع ومطاردة بقية المجموعة التي نفذت الهجوم، فيما شهدت محافظة بلوشستان تعزيزات عسكرية إضافية من قوى الأمن والحرس الثوري.

الرأي:

يعدّ هذا الهجوم الأكثر دموية داخل إيران خلال عام 2023 كما اتسم بالتعقيد؛ حيث استغرق تنفيذه نحو خمس ساعات على مرحلتين؛ ففي المرحلة الأولى تعرض مركز شرطة مدينة راسك لهجوم عنيف تمكن خلاله المهاجمون من اقتحامه وقتل تسعة من عناصره، وعندما وصلت قوة دعم وإنقاذ تعرضت لكمين أسفر عن مقتل اثنين وإصابة آخرين في صفوفها.

كما يعتبر هذا الهجوم الثاني من نوعه خلال العام الجاري، فقد سبق أن تعرض المخفر رقم 16 بمدينة زاهدان لهجوم شبيه في تموز/ يوليو الماضي، لكنه أسفر عن مقتل اثنين فقط من عناصر الشرطة. من جهتها، تبرر جماعة "جيش العدل" تكتيك استهداف مراكز الشرطة بأنه انتقام من العاملين بها، لدورهم في قتل أكثر من 100 متظاهر في مدينة زاهدان عقب صلاة الجمعة في الـ30 من أيلول/ سبتمبر 2022، والتي اشتهرت باسم الجمعة الدامية.

كما يأتي الهجوم الأخير عقب إعدام السلطات الإيرانية ثلاثة من عناصر "جيش العدل" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وهو ما يؤكد على أن عمليات الإعدام لم تحقق هدف الردع لعناصر الجمتعة، إنما دفعتهم لشن هجوم انتقامي أحرج الأجهزة الأمنية الإيرانية، التي كثفت منذ العام الماضي أنشطتها الاستخبارية في محافظة بلوشستان المتوترة لكن دون جدوى، في ظل تمتع "جيش العدل" بحاضنة مجتمعية، وقدرته على التنقل بين الحدود الإيرانية الباكستانية لتنفيذ هجماته، وتوفير احتياجاته اللوجستية من باكستان، ووجود قواعد خلفية يلجأ إليها مقاتلوه حال مطاردتهم من القوات الإيرانية.

من جهتها، وظفت السلطات الإيرانية الهجوم لربط "جيش العدل" بجهاز "الموساد" "الإسرائيلي"؛ حيث ادعت وجود علاقة بينهما بحسب وزير الداخلية، أحمد وحيدي، كما أعدمت السلطات مواطنًا بلوشيًا في اليوم التالي لتنفيذ الهجوم بحجة ارتباطه بـ"الموساد". ويمثل الحادث في المنظور الإيراني ردًا من تل أبيب على الهجمات التي تقوم بها تنظيمات موالية لإيران في كل من لبنان واليمن على أهداف "إسرائيلية" لمساندة المقاومة في غزة.

والخلاصة أنه لا يتوقع أن تنجح المقاربة الأمنية الإيرانية في القضاء على التمرد البلوشي، لوجود دوافع مذهبية واقتصادية واجتماعية تعززه، وهو ما يتطلب معالجة سياسية شاملة.