قوات الدعم السريع تسيطر على "ود مدني" الاستراتيجية

ضربة موجعة للجيش السوداني وسط تساؤلات حول انسحابه المريب

الساعة : 12:30
23 ديسيمبر 2023
ضربة موجعة للجيش السوداني وسط تساؤلات حول انسحابه المريب

الحدث

أعلن الجيش السوداني يوم الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون أول أن قواته انسحبت الاثنين من مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وأنه يُجري تحقيقاً في أسباب الانسحاب. جاء هذا بعد ثلاثة أيام فقط من بدء قوات الدعم السريع مهاجمة مدينة "ود مدني" الاستراتيجية، مركز ولاية الجزيرة، التي توجد فيها الفرقة الأولى مشاة في الجيش السوداني والتي كانت بقيادة اللواء أحمد الطيب. وتفاجأ أهالي المدينة بانسحاب الفرقة الأولى مشاة من مقرها بعد تمركز لقوات الدعم السريع دام 3 أيام شرق المدينة، بعربات قتالية ومدافع ومضادات طائرات تحركت من العاصمة الخرطوم، واستولت في طريقها على قرى ومدن مثل رفاعة والهلالية وتمبول وودراوة وبرانكو. ونقل شهود عيان تعرض المناطق التي سيطر عليها الدعم السريع في ولاية الجزيرة إلى عمليات نهب واسعة واغتصاب وانتهاكات عديدة.

الرأي

تكمن الأهمية الاستراتيجية لمدينة "ود مدني" بأنها تعدّ مصدراً غذائياً واقتصادياً رئيسياً في البلاد، وتتميز بتوسطها للعديد من الولايات، وتبعد عن العاصمة السودانية الخرطوم حوالي 200 كيلومتر، وقد تحوّلت خلال الحرب إلى المركز الأول لإدارة البلاد، بعد أن نزح إليها أكثر من 500 ألف من سكان الخرطوم، وانتقل إليها كذلك أغلب النشاط الاقتصادي والخدمات الصحية المتقدمة، كما وانتقلت إليها كذلك العديد من المؤسسات والوزارات الخدمية المركزية.

بالتالي فإن سقوط ود مدني يعتبر بمثابة ضربة موجعة للجيش السوداني، لأن موقعها يحمل أهمية عسكرية كبيرة، فهي خط إمداد للعاصمة الخرطوم وملتقى طرق تربط البلاد شرقاً حتى بورتسودان وغرباً حتى الأبيض والفاشر، وفي فترة ما بعد الحرب ربطت شمال السودان، وبالتالي فإن "الدعم السريع " بسيطرتها على "ود مدني" سهلت الطريق للسيطرة الكاملة على الخرطوم، وسهّلت عليها الوصول للولايات الأخرى التي تقع شرق البلاد كالنيل الأبيض والقضارف.

من ناحية أخرى، يثير الانسحاب المريب لقوات الجيش تساؤلات حول مستقبل باقي الولايات، والمعارك بصورة عامة، في ظل مؤشرات عن تبدل الولاءات ليس فقط بين بعض رؤساء القبائل والقيادات المحلية ولكن حتى داخل الجيش نفسه نتيجة الإغراءات المالية التي يعد بها حميدتي من ينضم إليه، بالإضافة إلى تمتع قوات الدعم السريع بإمداد لوجيستي خارجي من الواضح أنه لم يتضرر.

تجدر الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على الجزء الأكبر من ولاية الخرطوم، عاصمة البلاد، كما تستولي على كل ولايات دارفور، عدا مدينة الفاشر التي تراجعت عن الاستيلاء عليها تحت ضغط دولي وضغط آخر من الحركات المسلحة، بسبب هشاشة الأوضاع بها، ووجود مئات الآلاف من النازحين بمعسكرات في المدينة، كما سيطرت على مدن مركزية في إقليم كردفان باستثناء مدينة الأبيض. وبينما لا يزال الجيش يبسط سيطرته على ولايات شرق السودان، القضارف، كسلا، البحر الأحمر، وكذلك ولايتي نهر النيل والشمالية، شمال البلاد، وكذلك على ولايتي النيل الأزرق والنيل الأبيض، إلا أن احتمال صمود كل تلك الولايات بات محل شك كبير خصوصاً بعد السقوط السهل لولاية الجزيرة.