الحدث:
شهدت جبهة جنوب لبنان وشمال الأراضي المحتلة، الأسبوع الماضي، تصعيدًا ميدانيًا نوعيًا على أكثر من صعيد ومن كلا الطرفين؛ فمن جهتها وسعت "إسرائيل" رقعة الاشتباك باتجاه مناطق جنوبية متقدمة بعيدة عن الحدود نسبيًا؛ حيث استهدفت الغارات محيط منطقة "كفر ملكي" (قضاء صيدا)، و"حومين التحتا" (قضاء النبطية)، ومنطقة "بصليا" (قضاء جزين، تبعد 32كلم عن أقرب نقطة حدودية)، فضلًا عن رفع العدو من وتيرة الإغارة على منازل وأهداف ضمن القرى الحدودية، وإيقاع خسائر مادية هائلة، وإصابات في صفوف المدنيين، كان آخرها سقوط عدد من المدنيين في عدة قرى، ومحاولة استهداف مراسم تشييع أحد شهداء "حزب الله" في بلدة "عيتا الشعب" الحدودية.
بالتوازي، قابل "الحزب" التصعيد "الإسرائيلي" بتصعيد مماثل؛ حيث أطلق صليات من الصواريخ الموجهة تجاه مستوطنات "أفيميم" و"دوفييف" وكريات شمونة"، وقصف لأول مرة منصتين لمنظومة "القبة الحديدية" شمال مستعمرة "كابري" بسلاح المدفعية، كما زاد في عملياته من استخدام الصواريخ الموجّهة بأنواعها المختلفة، خصوصًا صواريخ "البركان" والصواريخ "الفراغيّة" التي تتسبّب في دمار ملحوظ وواضح في المباني، وأطلق مؤخرًا "صواريخ حارقة" على أحراج "برانيت" الصهيونية ردًّا على قيام "إسرائيل" بإحراق الأحراج في البلدات اللبنانية.
الرأي:
يرى "مركز صدارة" أنه رغم أن التصعيد المتبادل امتد إلى مناطق في العمق، أو أصبح يركز على إلحاق أضرار مادية أو بشرية أو عسكرية في كلا الجانبين، لكنه لا يزال ضمن قواعد الاشتباك المرسومة ضمنًا والمضبوطة إلى حد كبير بين الطرفين في سياق "الفعل ورد الفعل". وذلك لعدم وجود رغبة لدى "حزب الله" في الذهاب إلى حرب واسعة، وآخر مؤشرات ذلك سحبه قسمًا من قوات "وحدة الرضوان" مسافة 5-كلم8 بعيدًا الحدود، وكشْف الأمريكيين عن مفاوضات لاتفاق طويل الأمد من خلال مبعوثهم "عاموس هوكشتين". وبالتالي، يمكن إدراج التصعيد الأخير وما رافقه من تهديدات في سياق الضغط "الإسرائيلي" المتواصل على لبنان و"حزب الله" وداعميه، وتحشيد الوسطاء الدوليين لتطبيق القرار 1701 بشكل فعلي على الأرض بما يؤمن منطقة عازلة للاحتلال.
في المحصلة، ورغم الجهود المبذولة لإرساء معادلة التهدئة والاستقرار في الجنوب، وحتى انكشاف مآلات الأوضاع في جبهة غزة، فقد تشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا بوتيرة أعلى، وقد يتوسع في الجغرافيا وفي مستوى الاستهدافات والأعمال القتالية والأسلحة، دون استبعاد خروج الأمور عن السيطرة جراء تهور "إسرائيلي" أو تصعيد في غير موضعه.
كما تجدر الإشارة إلى أن التصعيد "الإسرائيلي" يأتي متسقًا مع التهديدات "الإسرائيلية" على لسان أعضاء "مجلس الحرب"، بتغيير الوضع على الجبهة مع لبنان بالحل العسكري إن لم تنجح الجهود الدبلوماسية في تلبية مطالب "إسرائيل"، الرامية لإبعاد مقاتلي "حزب الله" وترسانته العسكرية لما بعد جنوب الليطاني، والإعلان عن وضع خطط لحرب بريّة على جنوب لبنان. وقد تزامنت هذه التهديدات مع تسريبات خاصة بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، تعهد لرئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، بدعم واشنطن لـ"تل أبيب" في حربها مع "حزب الله" إذا فشلت الجهود المبذولة للتوصل لتسوية دبلوماسية.