الحدث:
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، في الـ24 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أن الطائرة المسيّرة التي استهدفت في اليوم السابق سفينة ترفع علم ليبيريا وتنقل مواداً كيماوية على بعد نحو 200 ميل جنوب غرب فيرافال بالهند، أُطلقت من إيران.
الرأي:
يأتي الإعلان الأمريكي بعد يوم واحد من تهديد مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد رضا نقدي، بأن على "إسرائيل" وداعميها انتظار إغلاق البحر المتوسط ومضيق جبل طارق وممرات مائية أخرى، وهو تصريح يحمل قدرًا كبيرًا من المبالغة، لكنه يشير إلى توجه إيراني محتمل نحو استهداف خطوط الملاحة "الإسرائيلية" في مناطق أخرى غير البحر الأحمر ومضيق باب المندب. ويأتي المحيط الهندي في مقدمة تلك المناطق نظرًا لوجود ساحل إيراني مطل عليه عبر بحر العرب، وهو ما يتيح إطلاق طائرات مسيرة وقوارب مفخخة تجاه السفن المتجهة إلى "إسرائيل" أو التي يملكها رجال أعمال "إسرائيليون".
ويعتبر الهجوم الأخير الثاني من نوعه في المحيط الهندي؛ فقبل شهر من الآن هاجمت طائرة إيرانية مسيّرة من طراز "شاهد-136" سفينة شحن مملوكة لرجل الأعمال "الإسرائيلي"، إيال عوفر، عقب مغادرتها ميناء جبل علي في دبي. وتزيد هذه النوعية من الهجمات الضغوط على الاقتصاد "الإسرائيلي" في ظل اعتماد تل أبيب على استيراد أغلب وارداتها من البحر، وهو ما ينعكس على رفع شركات الشحن والتأمين لأسعارها ويزيد من كلفة ثمن السلعة على المستهلك. فقد رفعت شركة الشحن "الإسرائيلية" زيم سعر نقل الحاوية الواحدة من 100 إلى 400 دولار، فيما ارتفع سعر تأمين الحاوية الواحدة من 50 إلى 120 دولارًا.
وفي ظل استمرار العدوان على غزة، تسعى طهران لتكثيف الضغوط على واشنطن وتل أبيب عبر توسيع دائرة الصراع في المنطقة الرمادية، دون تحويله إلى حرب إقليمية واسعة؛ حيث تدمج إيران بين شن هجمات والإعلان عن إدخال أسلحة جديدة في الخدمة لتعزيز الردع. فقد كشفت بحرية الجيش الإيراني في الـ24 من الشهر الجاري عن ضم صاروخ كروز بحري من طراز "نصير" يبلغ مداه 1000كلم، إلى قواتها العاملة في أسطول الجنوب بسواحل مكران المطلة على بحر العرب المتداخل مع المحيط الهندي.
بالمقابل، تضغط "إسرائيل" من جهتها على الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات تجاه إيران والحوثيين، عبر توصيف ما يحدث على أنه اعتداء على الملاحة الدولية ويتطلب تدخلًا دوليًا، وهو ما استجابت له واشنطن عبر إعلان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عن مبادرة "حارس الازدهار" المعنية بتشكيل قوة متعددة الجنسيات لتأمين حركة الملاحة بالبحر الأحمر. لكن واشنطن لم تعلن بعد عن خطوات لتأمين الملاحة في المحيط الهندي نظرًا لمحدودية عدد الهجمات به، بيد أن ارتفاع وتيرة الهجمات قد يؤدي إلى تدشين مبادرة شبيهة، وهو ما سيزيد التوتر مع إيران.