توجّهٌ أمني قد يفضي لحل مجلس الأمة أو اعتقال معارض

أمير الكويت يلوّح بنهج داخلي أكثر حزمًا قد ينهي سياسة استرضاء مجلس الأمة

الساعة : 14:00
26 ديسيمبر 2023
أمير الكويت يلوّح بنهج داخلي أكثر حزمًا قد ينهي سياسة استرضاء مجلس الأمة

الحدث:

في كلمته خلال خطاب أداء القسم الدستوري بمجلس الأمة، فاجأ أمير الكويت الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الحاضرين بحديث صريح حول اختلافه مع بعض سياسات الأمير الراحل؛ حيث قال: "لم نخالف سموه قط في القرارات والتعليمات التي أمر بها رغم عدم قناعتنا ببعضها لأن طاعته من طاعة الله". وبحسب نص الكلمة التي نشرها لاحقًا الموقع الرسمي لمجلس الأمة، فقد ندد "مشعل" بكل من الحكومة ومجلس الأمة على حد سواء عندما "تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد، وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب... وما حصل في ملف الجنسية من تغيير للهوية الكويتية، وما حصل في ملف العفو وما ترتب عليه من تداعيات، وما حصل من تسابق لملف رد الاعتبار لإقراره". واعتبر الأمير أن سكوت أعضاء الحكومة ومجلس الأمة على هذه الإجراءات التي وصفها بـ"العبث" يمثل "صفقة تبادل المصالح والمنافع بين السلطتين على حساب مصالح الوطن والمواطنين".

الرأي:

لقد رجحنا سابقًا في مركز "صدارة" أن "الشيخ مشعل" سيواصل السياسات السابقة، نظرًا لأنه كان بالفعل يدير كافة الملفات السيادية كولي للعهد في ظل الحالة الصحية للأمير الراحل. لكنّ تصريح الأمير حول خلافاته مع السياسات السابقة يجعل من الضروري إعادة تقييم هذا التقدير، ومتابعة التوجهات الجديدة التي ستتكشف خلال الأسابيع القادمة.

بصورة مبدئية، مازال من المرجح أن يواصل الأمير الاعتماد على الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة، وأن يعزز من الاستثمار في هذه الشراكة في ظل التحديات الأمنية الإقليمية، خصوصًا التهديدات الإيرانية وما يرتبط بها من أنشطة الميلشيات المسلحة في العراق، ومخاطر الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، إضافةً لأنشطة تهريب المخدرات الإقليمية. كما أنه لا يزال من المرجح أن يولي "الأمير مشعل" اهتمامًا بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية.

أما على صعيد السياسة الداخلية للأمير الجديد، فقد أصبح من المتوقع أن تشهد تغيرات قد تكون حازمة؛ حيث شهدت السنوات القليلة الماضية جمودًا سياسيًا مزمنًا بين مجلس الأمة والحكومات المتعاقبة، ما أعاق إقرار بعض القوانين والسياسات، التي تربطها الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بتنويع الاقتصاد وترشيد الإنفاق العام. ويشير حديث الأمير إلى أن ثمة مساومات حدثت بين الحكومة الأخيرة ومجلس الأمة لتمرير قوانين تتعلق بالعفو عن بعض المحكومين ورد الاعتبار لآخرين، في قضايا بعضها سياسي وبعضها غير ذلك، مقابل تجنيب الحكومة ضغوط مجلس الأمة المتكررة والتي أدت للإطاحة بعدد من الحكومات السابقة، وأصابت البلاد بمستوى من الجمود السياسي جرى التعايش معه نتيجةً لأن مؤسسة الأمير لديها الصلاحيات الكاملة لإدارة سياسات البلاد دون قيود كبيرة.

لذلك، قد يكون "الأمير مشعل" بصدد إنهاء سياسة استرضاء مجلس الأمة، والتي طالما انتقدتها مؤسسات دولية اعتبر أنها أخرت الكويت عن مسيرة التحول الاقتصادي، مقارنةً بالتقدم الذي أحرزه جيرانها في السعودية والإمارات وقطر. أما على الجانب الأمني، فإن مضي الأمير قدمًا في فرض سياسات اقتصادية أو قوانين أخرى دون توازنات مع النواب المعارضين، سيضطره لفرض إجراءات ضاغطة على النواب، قد تكون مجرد ضغوط سياسية وتهديدات غير معلنة (وهو ما بدأ بالفعل في خطابه)، أو حل مجلس الأمة وربما مراجعة صلاحياته الدستورية، أو التراجع عن قرارات سابقة خاصة بملف العفو ورد الاعتبار، وهو ما قد يمهّد لإعادة اعتقال بعض المعارضين إذا تفاقمت الأمور.