مراقبة الأفراد والأموال عبر قواعد البيانات

مصر تشدد إجراءات مكافحة تمويل الإرهاب في البنوك استمرارًا لسياسة التشديد الأمني

الساعة : 15:15
27 ديسيمبر 2023
مصر تشدد إجراءات مكافحة تمويل الإرهاب في البنوك استمرارًا لسياسة التشديد الأمني

الحدث:

أصدر البنك المركزي المصري ضوابط رقابية جديدة للبنوك بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفقًا للكتاب الدوري الذي نشره البنك، الأحد الماضي، وأمهل البنوك ستة أشهر لتوفيق أوضاعها مع الضوابط الجديدة. وتتضمن هذه الضوابط مراقبة عمليات الإيداع أو السحب بمبالغ نقدية كبيرة أو متكررة لا تتناسب مع معلومات العميل، وعمليات الإيداع من قبل أشخاص أو جهات في حسابات لغرض غير واضح أو دون وجود علاقة بينهم وبين العميل تبرر تلك العمليات. كما تتضمن الضوابط عمليات شراء وبيع العملات الأجنبية بمبالغ كبيرة نقدًا أو متكررة دون مبرر واضح، وتحويلات بمبالغ كبيرة أو متكررة إلى أو من أطراف تنتمي لمناطق قريبة من نقاط العبور الحدودية أو تشتهر بجرائم معينة.

هذا إضافةً لعمليات الإيداع التي يجري سحب قيمتها مباشرةً أو بعد إيداعها بفترات قصيرة أو يتم سحبها من خلال ماكينات الصراف الآلي دون وجود ما يبرر ذلك، والتحويلات بمبالغ كبيرة أو بمبالغ صغيرة ومتكررة من شركات المدفوعات الإلكترونية بالخارج أو الشركات التي تشتهر بالتعامل في العملات المشفرة. كما تشدد الضوابط الجديدة القيود على الدولار مجهول المصدر؛ حيث تقيد جزئيًا التعليمات السابقة التي أعلنتها البنوك المحلية في تموز/ يوليو الماضي، والتي تسمح بالإيداعات الدولارية دون السؤال عن مصدرها.

الرأي:

تشير هذه الإجراءات إلى ما سبق أن توقعناه في "مركز صدارة"، من حيث ميل الرئيس المصري في الفترة المقبلة التي تبدأ فيها ولايته الجديدة إلى مزيد من التشديد الأمني في ظل التهديدات التي يراها تحيط به، سواءًا تداعيات حرب غزة والحرب الأهلية في السودان أو تصاعد الغضب الداخلي، الذي يُتوقع أن يتواصل في ظل الأزمة الاقتصادية. ومن اللافت أن تشمل مراقبة التحويلات المالية نطاقات جغرافية معينة؛ مثل "أطراف تنتمي لمناطق قريبة من نقاط العبور" مثل سيناء والحدود مع السودان وليبيا، وهذه دلالة على مراقبة أنشطة مجموعات التهريب وأي أنشطة محتملة مرتبطة بتلك الساحات الخارجية.

كما إن عودة التشديد النقدي على حركة إيداع الدولار وعدم التساهل في السؤال عن مصدره، وهي الخطوة التي كانت تستهدف جمع أكبر كمية ممكنة من الدولار من السوق غير الرسمية، توضح أن السلطات بصدد اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا تجاه تجار العملة غير الرسميين، وهو أمر سيزيد من معاناة صغار التجار والمصنعين الذين يعجزون عن متابعة أعمالهم، نظرًا لعدم توفر الدولار في البنوك واضطرارهم للجوء إلى السوق غير الرسمية. ومع هذا، سيظل مرجحًا أن تتواصل أنشطة السوق الموازية باعتبارها متنفسًا ضروريًا لقطاع من الأنشطة التجارية، كما إنها سوق مربحة للعاملين فيها رغم مخاطرها المتزايدة.

من زاوية أخرى، تشير هذه الخطوات إلى استمرار حرص المؤسسة الأمنية المصرية على تطوير القدرات التقنية اللازمة لمراقبة كافة أوجه النشاط الفردي، وليس فقط المالي؛ حيث يعكس القيام بمثل هذه الإجراءات ليس فقط توفر قواعد البيانات اللازمة، لكن وجود أنظمة الرقابة يمكنها تتبع الأنماط المعينة ومقارنتها بقواعد البيانات المتوفرة، حول دخول الأشخاص وروابطهم في العمل أو علاقاتهم الأسرية في الخارج، إن كانوا يتلقون تحويلات من عاملين خارج مصر؛ وهي بنية تقنية عملت الدولة على تطويرها طوال السنوات الماضية.