الحدث:
أعلنت حركة "حماس" استشهاد نائب رئيس المكتب السياسي ومسؤول إقليم الضفة في الحركة، صالح العاروري، وستة آخرين بينهم اثنان من قادة "كتائب القسام" وأربعة آخرين من كوادر الحركة في لبنان. وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمي في لبنان، فإن طائرة مسيرة "إسرائيلية" استهدفت مكتبًا للحركة في منطقة المشرفية السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، خلال اجتماع لقيادات فلسطينية بالاستناد لمصادر أمنية لبنانية، وهي أول ضربة جوية "إسرائيلية" تستهدف الضاحية منذ حرب 2006.
الرأي:
يأتي اغتيال الشيخ "صالح العاروري" في ظل فشل الجيش "الإسرائيلي" في تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة في قطاع غزة حتى الآن، والخسائر البشرية والمادية التي تعرض لها منذ بدء العملية البرية في القطاع، وبالتالي فإن عملية الاغتيال تمثل "إنجازًا" يمكن تسويقه للجمهور "الإسرائيلي" على أنه صورة نصر، خاصة وأن "العاروري" من أبرز الشخصيات في "حماس" التي تربطها "إسرائيل"، حتى قبل عملية "طوفان الأقصى"، بجهود إحياء المقاومة في الضفة الغربية، فضلًا عن دوره في التنسيق بين الحركة و"حزب الله".
عمليًا، سيترك اغتيال شخصية بوزن "العاروري" تداعيات على الأحداث الجارية، لا سيما فيما يتعلق بمفاوضات صفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" و"حماس" بوساطة قطرية مصرية، وعقد هدنة تمهيدًا لوقف العدوان على قطاع غزة بشكل كامل. وقد أبلغت الحركة الوسطاء بتجميد المباحثات الجارية كرد أولي على عملية الاغتيال، فضلًا عن كون "العاروي" أحد القيادات المنخرطة بشكل مباشر في المباحثات التي تجري مع الوسطاء. وليس من المرجح أن يكون هذا موقفًا دائمًا للحركة، لكنّ عملية الاغتيال لا شك أنها ستطيل أمد المفاوضات التي كانت تسير بوتيرة بطيئة أصلًا نظرًا للهوة الكبيرة بين متطلبات الطرفين، وبالتالي قد تطيل أمد الحرب نفسها، خاصة وأنها قد تكون بداية لسلسلة من الاستهداف "الإسرائيلي" لقيادات "حماس" في عدة ساحات في الخارج.
أما من جانب "حماس"، فليس من الواضح كيف سترد الحركة على اغتيال قائدها البارز، نظرًا لكونها بالفعل في خضم حرب مفتوحة مع الاحتلال وفي مواجهات مباشرة مع جنوده في غزة. لكنّ الأنظار تتجه أيضًا إلى ساحة الضفة الغربية، حيث كان "العاروي" مرتبطًا بها ومنخرطًا في عملية إحياء المقاومة فيها بشكل مباشر، الأمر الذي يثير احتمالات أن تعمل الحركة على الرد بشكل نوعي، عبر هذه الساحة التي يكثف الاحتلال إجراءاته الأمنية فيها لضمان بقائها تحت السيطرة. أما فيما يخص جبهة جنوب لبنان والتي هي بالأصل فعّالة كجبهة دعم ومساندة لجبهة قطاع غزة، فإن رد حزب الله، الذي سبق أن توعّد على لسان أمينه العام بعدم السماح باغتيال شخصيات وازنة على الساحة اللبنانية لما في ذلك من كسر لقواعد الشتباك، من المرجح أن يكون أقسى وأوسع في جبهة الجنوب ولكن أيضا تحت سقف عدم التورط في حرب مفتوحة.