توافقٌ في ملفات مقابل خلافات في أخرى

لقاء "بلينكن"-"فيدان" يشير لتغير محتمل في حدود الدور التركي في غزة

الساعة : 12:15
9 يناير 2024
لقاء

الحدث:

قام وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بزيارة إلى تركيا في السادس من كانون الأول/ يناير الجاري، اجتمع خلالها لمدة ساعتين مع نظيره التركي، هاكان فيدان، لمناقشة تطورات الحرب في غزة، وانضمام السويد إلى حلف "الناتو"، ثم اجتمع "بلينكن" مع الرئيس التركي ،رجب طيب أردوغان، بحضور وزير الخارجية ورئيس جهاز المخابرات، إبراهيم كالن.

الرأي:

تشير التسريبات عن مجريات اجتماع "فيدان-بلينكن" إلى تغيّر في الموقف الأمريكي إزاء الدور التركي فيما يخص القضية الفلسطينية، على وقع إخفاق "إسرائيل" طوال ثلاثة شهور في تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على "حماس" وتفكيك قدراتها العسكرية. فبعد الحرص على إبعاد تركيا من أي نقاشات حول مستقبل غزة، بدأت واشنطن تناقش مع أنقرة أفكارًا حول دورها في البحث عن مخرج من الحرب، بناءً على علاقتها مع القيادة السياسية لـ"حماس"، فضلًا عن نقل رسائل من واشنطن لطهران برغبة إدارة "بايدن" بمنع تصعيد الصراع، وذلك قبيل الزيارة المنتظرة للرئيس الإيراني إلى تركيا، والتي تأجلت عقب تفجيرات مدينة كرمان في الذكرى الرابعة لاغتيال "قاسم سليماني".

ورغم الحرب الكلامية بين تركيا و"إسرائيل"، فإن الانفتاح التركي الأولي على دعم صيغة انتقالية في غزة بعد الحرب يقترب من التصور الأمريكي الذي تروجه واشنطن لدول المنطقة والذي يسعى "بلينكن" لبناء إجماع حوله. وقد يكون الموقف التركي مفيدًا في هذا الصدد، وإن كانت قدرتها على إقناع "حماس" تظل أقل مقارنةً بالجانبين القطري أو المصري.

في ملف آخر، تسعى الإدارة الأمريكية للضغط على أنقرة لتسريع وتيرة إجراءات الموافقة على انضمام السويد إلى حلف "الناتو"، وذلك بعد أن وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب التركي على بروتوكول انضمام السويد إلى الحلف، إلا أنه تبقّى خطوة مصادقة البرلمان التركي، الأمر الذي تسعى أنقرة لربطه بموافقة واشنطن على بيعها طائرات من طراز "F-16V" بعد أن حجبت عنها بيع 100 طائرة من طراز "F-35" إثر شرائها نظام الدفاع الجوي الروسي "S-400" عام 2019.

بدورهم، يضغط أعضاء في الكونجرس لفرض شروط على تركيا تقضي بعدم استخدام طائرات "F-16V" حال بيعها لها ضد اليونان، رغم اتفاق واشنطن مع أثينا على بيعها 40 طائرة من طراز "F-35" المتطورة، ما يكفل لها تفوقًا جويًا مقابل أنقرة. لكن المخاوف الأمريكية من لجوء تركيا إلى شراء طائرات حربية متطورة من روسيا أو الصين يدفع واشنطن للتفاهم مع أنقرة، والتنسيق معها في ملفات الأمن الإقليمي والدولي بما يعزز من تماسك الجناح الجنوبي الشرقي لـ"الناتو"، ويبقي على روابط تركيا مع الصناعات الجوية الأمريكية.

وفي حال نجاح تركيا في لعب دور بنّاء من المنظور الأمريكي في القضية الفلسطينية، فإن هذا سيضاف إلى مواقف أنقرة المتسقة مع مصالح واشنطن. بالمقابل، ستبقى ملفات أخرى محل خلاف، في مقدمتها الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها تركيا كجماعة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.