الحدث:
قُتلت "إسرائيلية" وأصيب 19 آخرون بينهم حالات خطرة في عمليتي دهس وطعن في منطقة "رعنانا" شمال "تل أبيب"، فيما أعلنت السلطات "الإسرائيلية" اعتقال "محمود زيادات" (44 عامًا) و"أحمد زيادات" (25 عامًا) من بلدة بني النعيم بمنطقة الخليل بالضفة الغربية لضلوعهما في تنفيذ العملية. وفي التفاصيل، فقد استولى أحد المنفذَيْن على مركبة من القتيلة "الإسرائيلية" بعد أن طعنها بسكين ثم دهس بها عددًا من الأشخاص، وواصل طريقه إلى مكان آخر، حيث استولى على سيارة أخرى ودهس أشخاصًا آخرين. وأفادت هيئة البث الرسمية "الإسرائيلية" أن المتهمَين ممنوعَين من دخول "إسرائيل" بقرار من جهاز "الشاباك" بعد إلقاء القبض عليهما أكثر من مرة في الماضي كمقيمَين غير شرعيَين.
الرأي:
تأتي هذه العملية عقب تحذير جهاز "الشاباك"، الأربعاء الماضي، من تصعيد أمني وشيك في الضفة الغربية المحتلة، خلال اجتماع "كابينيت الحرب" بمشاركة رؤساء المجالس الاستيطانية في الضفة، وسط مزاعم بإحباط "عدد من العمليات" التي كان مخططًا تنفيذها ضد أهداف "إسرائيلية" خلال الأيام الماضية.
كما تتزامن العملية مع قرار جيش الاحتلال نقل وحدة "دوفدوفان" من قطاع غزة إلى الضفة، استجابةً للمخاوف الأمنية من تدهور الأوضاع هناك، بسبب الاقتحامات اليومية من قبل الجيش لمدن الضفة، والوضع الاقتصادي المتأزم منذ الحرب على القطاع، نظرًا لمنع دخول ما قد يصل إلى 150 ألف عامل لأماكن عملهم في الداخل المحتل و"إسرائيل"، وغياب الأفق للعاطلين عن العمل وحجز أموال الضرائب الفلسطينية "المقاصة"؛ ما أثر على الوضع الاقتصادي بشكل عام ودفع السلطة لتقليص رواتب موظفيها وصرف نحو 65% فقط من الراتب.
وبالتالي، فإن تلك المخاوف، فضلًا عن عملية "رعنانا" وما سبقها من عمليات مؤخرًا، تشير إلى تراجع قدرة "إسرائيل" على فصل ما يحدث في غزة عن الضفة، رغم كل المحاولات "الإسرائيلية" ومحاولات السلطة الفلسطينية لإبقاء جبهة الضفة بعيدة عن دائرة الحرب في القطاع.
وإضافةً للإخفاق الأمني الصهيوني، المتمثل في وصول المنفذ إلى شمال "تل أبيب" رغم حالة الاستنفار الأمني ووجود عشرات الحواجز الأمنية، فإن العملية تعيد التأكيد على التحدي التقليدي الذي تواجهه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية "الإسرائيلية"، المتمثل في الطابع الفردي والأسلوب المستخدم (الطعن والدهس) وهي وسيلة غير قتالية ولا تثير الشبهة، وتحد من قدرة الأجهزة الأمنية على القراءة الاستباقية لنية المنفذ، وهو التحدي الذي سيظل يمثل نقطة تفوّق للمقاومين الفلسطينيين.
أخيرًا، تُشكل العملية تحديًا إضافيًا لحكومة "نتنياهو" التي تعصف بها الخلافات مؤخرًا حول أمور كثيرة منها أمد الحرب في غزة، وملف الأسرى، وكيفية التعامل مع التحديات الأمنية القادمة، في ظل إصرار "نتنياهو" والائتلاف المتطرف على إطالة أمد الحرب في القطاع ومواصلة سياسات التصعيد في الضفة في الوقت ذاته.