الحدث:
أعرب رئيس "ائتلاف دولة القانون" بالعراق، نوري المالكي، والذي يقود تحالف "الإطار التنسيقي"، عن أهمية الحوار لحل المسائل العالقة بين بغداد وأنقرة، وذلك خلال لقائه برئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم كالن؛ حيث تركز الحديث على ملاحقة "كل الجماعات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار"، في إشارة إلى "حزب العمال الكردستاني". وأبدى "المالكي" استعداده للتعاون مع تركيا في ملاحقة عناصر "حزب العمال"، مؤكدًا على أن العراق يعمل مع دول الجوار على احترام سيادة الدول والوصول إلى تفاهمات حول أمن الحدود، وذلك وسط حديث عن اتفاقية أمنية شبيهة بالاتفاقية بين بغداد وطهران لضبط الحدود المشتركة.
الرأي:
تحمل تصريحات "المالكي" التي أعلنها خلال لقائه رئيس الاستخبارات التركية دلالة لافتة؛ حيث يتزعم "الإطار التنسيقي" المؤلف من أحزاب وواجهات سياسية للميليشيات العراقية المرتبطة بإيران، مع وجود دلائل سابقة تفيد بأن جماعات مسلحة منضوية في "التنسيقي" لها تنسيق وتعاون مع "حزب العمال الكردستاني". من ناحية أخرى، فإن حرص "كالن" على لقاء "المالكي" يعكس تطور الاتصالات التركية وسعي أنقرة للتواصل مع كافة الأطراف الفاعلة في العراق.
وعلى ما يبدو، فقد جاء "كالن" ببعض العروض للجانب العراقي مقابل تطوير التعاون المشترك ضد "حزب العمال الكردستاني"، خاصةً وأن الزيارة تأتي عقب التصعيد الأخير شمال العراق، الذي أودى بحياة عدد من الجنود الأتراك على يد عناصر الحزب. إذا غالبًا ما توظف تركيا ملف المياه في محاولاتها للضغط على الجانب العراقي ودفعه للتعاون لمكافحة أنشطة الحزب؛ وعلى هذا الأساس كان هذا الملف أحد محاور الحوارات التي أجراها "كالن"، لا سيما وأن مكتب رئيس الجمهورية العراقية، عبد اللطيف رشيد، أكد على الحاجة لاتفاقية بين الجانبين لحل مشكلة المياه بدلًا من الإطلاقات المائية المتقطعة التي تقوم بها تركيا بين فترة وأخرى.
إضافةً لذلك، يرى مركز "صدارة" أن المؤشرات تفيد بأن الجانبين يعملان على عقد اتفاقية أمنية، تكون في أحد جوانبها مشابهة لتلك التي عقدت بين العراق وإيران، بخصوص تأمين الحدود المشتركة بين البلدين وإبعاد الجماعات الكردية الإيرانية عنها، إضافةً لجوانب أخرى أوسع تشمل الأمن المائي والسيبراني، والتعاون ضد الجماعات الإرهابية مثل "داعش"؛ حيث تستطيع تركيا مساعدة العراق في جهوده الأمنية التي تستهدف القضاء على بقايا التنظيم.
لكنّ الجهود العراقية التركية المحتملة للتعاون ضد "حزب العمال" تعترضها صعوبات كثيرة، لاسيما وأن الجماعات الكردية الإيرانية ليست بالقوة التي يمتلكها "الكردستاني". كما تواجه الحكومة العراقية صعوبات حقيقية إزاء التعامل الأمني مع الحزب، في ظل تشابك علاقاته مع أطراف عراقية كردية فاعلة في إقليم كردستان العراق. هذا، فضلًا عن الدعم الذي يتلقاه من أطراف أجنبية ليكون أداة ضغط مستمرة على تركيا، وهو ما يعطي للمسألة أبعادًا أوسع من مجرد زيادة التنسيق مع العراق، وإن كان من المتوقع أن يؤدي هذا التنسيق لمزيد من الضغوط على أنشطة الحزب.