الحدث:
صوّت البرلمان التركي في الـ23 من كانون الثاني/ يناير الجاري، لصالح السماح للسويد بالانضمام إلى حلف "الناتو"، بعد تصويت بأغلبية 287 صوتًا مقابل 55 صوتًا وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت. وسيدخل قرار البرلمان التركي حيز التنفيذ بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، لينهي بذلك الجدل الذي دام نحو سنتين بين أنقرة و"الناتو" بخصوص انضمام السويد لصفوفه، بعد الموافقة سابقًا في آذار/ مارس 2023 على انضمام فنلندا.
الرأي:
يمكن القول إن القرار التركي سيسهم في تعزيز أسهم أنقرة لدى شركائها في الحلف، كما سيعمل على تعزيز جهود الغرب بعيدة الأجل لعزل روسيا بعد إقدامها على إعلان الحرب ضد أوكرانيا. ويضاف إلى ما سبق ما قدمته تركيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا وإدانتها للغزو الروسي وتزويدها أوكرانيا بالمعدات العسكرية، وإغلاقها مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية للدول المتقاتلة، إضافةً إلى المساعدة في جهود الوساطة لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود والعمل كمركز عبور للغاز الطبيعي إلى أوروبا. كما أن ذلك يعدل كفة الرفض التركي للانخراط في العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، ويفتح الباب أمام واشنطن للمضي قدمًا في صفقة بيع نحو 40 طائرة حديثة من طراز "إف 16" لتركيا، وتطوير 79 طائرة أخرى قديمة من الطراز نفسه تملكها القوات الجوية التركية، وذلك بعد أن ربط العديد من نواب الكونجرس موافقتهم على الصفقة بموافقة أنقرة على انضمام السويد إلى "الناتو".
عمومًا، تأتي الخطوة ضمن سياسة تركية واسعة تستهدف تهدئة التوترات مع الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة، والتركيز على تعزيز التعاون الأمني والعسكري والعلاقات التجارية. من جهتها، وللحصول على الموافقة التركية، خففت السويد سياسات تقييد تصديرها للأسلحة إلى أنقرة، لكنها لم تقدم تنازلات كبيرة فيما يخص ملف مكافحة أنشطة "حزب العمال الكردستاني" الناشط على أراضيها؛ حيث اكتفت بتعديل قانون مكافحة الإرهاب بما يشدد أحكام السجن الخاصة بالانتماء لتنظيمات إرهابية لفترة تتراوح من سنتين إلى ثمان سنوات، مع إمكانية تمديدها إلى السجن مدى الحياة لقادة تلك التنظيمات، وذلك بدلًا من القوانين القديمة التي أتاحت الملاحقة القضائية فقط في حال أمكن ربط أعمال الأفراد بشكل مباشر بعمل إرهابي محدد، وهو ما سمح لعناصر "الكردستاني" المقيمين في السويد بجمع الأموال وتقديم الدعم اللوجيستي وممارسة الدعاية الإعلامية، طالما لا تُستخدم تلك الجهود في عمل إرهابي محدد ضد تركيا. بالمقابل، وكما هو متوقع، لم تستجب السويد لطلبات أنقرة بتسليم بعض النشطاء الأكراد الأتراك من المقيمين على أراضيها.
وقد أصبحت المجر العضو الوحيد في "الناتو" الذي لم يوافق بعد على انضمام السويد لصفوفه؛ حيث يشترط رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، إجراء السويد مفاوضات للموافقة على ضمها للحلف، فيما تصر السويد على إجراء حوار وليس مفاوضات، وتعتبر أن موقف "أوربان" نتاج لعلاقته الوثيقة بالرئيس الروسي "بوتين"، وأنه يعمل على ابتزازها. لكن من المتوقع أن يتغير موقف "أوربان" مع تغير الموقف التركي الذي تركه وحيدًا أمام ضغوط واشنطن وغيرها من عواصم الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو.