سياسة عامة تتبناها أنقرة مع استثناء النظام السوري

تعاون تركيا عسكريًا مع مصر واليونان يؤكد استمرارها في تطبيع العلاقات مع جوارها الإقليمي

الساعة : 15:15
27 فبراير 2024
تعاون تركيا عسكريًا مع مصر واليونان يؤكد استمرارها في تطبيع العلاقات مع جوارها الإقليمي

الحدث:

 رافق وزير الدفاع التركي، يشار غولر، وعدد من رؤساء شركات صناعة الأسلحة التركية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في زيارته التي استمرت يومين إلى مصر منتصف الشهر الجاري؛ حيث أسفرت الزيارة عن الاتفاق على عقد اجتماعات "مجلس التعاون الاستراتيجي التركي-المصري" بالتناوب كل عامين، فضلًا عن التعاون المشترك في عدة مجالات ستشمل الصناعات العسكرية والدفاعية ومكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وذلك بعد أيام معدودة من توقيع وزير الدفاع التركي مع نظيره اليوناني "وثيقة تنظيم مشاركة تركيا واليونان في مبادرة درع السماء الأوروبية"، والتي أطلقها المستشار الألماني "شولتز" بهدف شراء منظومات دفاعي جوي بشكل متكامل لحماية السماء الأوروبية.

 الرأي:

تسعى أنقرة لفتح صفحة جديدة مع القاهرة تشمل تعزيز التعاون العسكري، خصوصًا في مجال بيع الطائرات المسيرة والمركبات غير المأهولة، وهو ما سيربط المؤسسة العسكرية المصرية بنظيرتها التركية في ظل الاحتياج للتدرب على عمليات التشغيل والصيانة للأسلحة التركية وشراء قطع الغيار.

تزامنًا مع التحرك التركي نحو مصر، تعمل أنقرة على تهدئة الأجواء مع اليونان عبر تدشين مبادرات مشتركة تستند إلى عضويتهما في حلف "الناتو"، وذلك بعد أن استضافت أثينا في كانون الأول/ ديسمبر 2023 الاجتماع الخامس لمجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى، ويُنتظر أن يزور رئيس الوزراء اليوناني تركيا قريبًا، بينما سيزورها "السيسي" في نيسان/ إبريل القادم.

في هذا الإطار، اعتمدت تركيا على تطور صناعاتها الدفاعية في إبراز قدراتها العسكرية في الخارج عبر تدشين قاعدة عسكرية في قطر عام 2015، والتدخل عسكريًا في شمال سوريا منذ عام 2016، وبناء قاعدة عسكرية في الصومال عام 2017، ثم الانخراط في القتال في ليبيا عام 2019، وتقديم دعم عسكري لأذربيجان في حرب كاراباخ عام 2020، فضلًا عن بناء سلسلة من المواقع والقواعد العسكرية شمال العراق، ما جاء كرد فعل مضاد بين خصوم تركيا جعل العديد منهم يتكتلون ضدها، وهو ما تزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي وتزايد حدة الاستقطاب السياسي الداخلي.

في مواجهة ما سبق، بدأت أنقرة منذ عام 2021 بتبني سياسة تقوم على تهدئة التوترات وبناء شراكات مع المنافسين لتحقيق مكاسب مشتركة، وذلك أملًا في جذب استثمارات أجنبية، وفتح أسواق خارجية أمام البضائع التركية بما فيها المنتجات العسكرية، وهو ما يتيح لأنقرة توسيع دوائر نفوذها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافةً لتفكيك التكتلات المناهضة لها، والتي هددت في الفترة الماضية بعزل تركيا في مناطق ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية مثل شرق البحر المتوسط.

وبالتالي، يرجح أن تستمر أنقرة في تطبيع علاقاتها مع جوارها الإقليمي باستثناء النظام السوري الذي يطالب بإجراءات مسبقة تعارض الأمن القومي التركي، كما يتوقع استمرار التفاعل بشكل إيجابي مع واشنطن وحلف "الناتو" كما حدث في الموافقة على انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، وذلك لحين تجاوز الأزمة الاقتصادية الداخلية، وتطوير القدرات العسكرية بشكل أكبر يتيح لتركيا مزيدًا من القدرة على التنافس في المحيطين الإقليمي والدولي.