الحدث:
قرر "كابينيت الحرب" سحب الصلاحيات الأمنية حول المسجد الأقصى من وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، وعدم فرض قيود على دخول "فلسطينيي 48" للصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وستكون الشرطة الجهة المسؤولة عن تحديد سقف عدد المصلين، وستفرض القيود الشخصية بناءً على المعلومات الاستخباراتية. مقابل ذلك، سارع "بن غفير" إلى إصدار بيان دعا فيه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى نفي نقل صلاحياته إلى "الكابينيت"، وسبق أن طرح "بن غفير" منع جميع سكان الضفة من الدخول للمسجد الأقصى خلال رمضان، وفرض قيود مشددة على المقدسيين و"فلسطينيي 48".
الرأي:
يأتي تجريد "بن غفير" من صلاحياته فيما يتعلق بالوضع الأمني في المسجد الأقصى خلال رمضان استجابةً لضغوط قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية على "نتنياهو"، بالتوازي مع الضغوط الأمريكية التي ركزت على ضرورة إعادة النظر في القيود المفروضة على حرية المصلين في شهر رمضان. جاء ذلك بعد حديث مصادر عديدة عن اتجاه "نتنياهو" لتبني خطة "بن غفير" المتطرفة، كما جاء القرار في ظل ضغوط مورست من داخل "الكابينيت" نفسه بقيادة "غانتس" و"غادي آيزنكوت".
ويتناغم القرار مع تقييم أجهزة الاحتلال الأمنية بأن هناك احتمالًا مرتفعًا للغاية لتدهور الوضع الأمني في الضفة والقدس، وأنه في حال حدث ذلك فإن الأجهزة الأمنية والجيش سيواجهون صعوبة كبيرة في السيطرة على الأوضاع، بالتوازي مع القتال في جبهة غزة وعلى الحدود الشمالية؛ حيث يستنزف القتال في جبهات عديدة القوات المنتشرة فيها.
بدورها، تخشى الأجهزة الأمنية من تفجر الوضع بشكل واسع إلى مدن الداخل المحتل، لا سيما المدن المعروفة "إسرائيليا" بـ"المدن المختلطة"، وذلك على غرار ما حدث في معركة "سيف القدس"؛ حيث فرض الفلسطينيون في الداخل المحتل أنفسهم عاملًا مؤثرًا في الأحداث. إلى جانب ذلك، فإن المسجد الأقصى يعتبر عاملًا محفزًا لانتفاضة الفلسطينيين، ولا سيما في رمضان، الذي عادةً ما تتصاعد فيه الأحداث والاحتكاكات بين الفلسطينيين وأجهزة الاحتلال؛ فقد كان العامل الأساسي لتفجر العديد من الأحداث البارزة، مثل "انتفاضة الأقصى" ومعركتي "سيف القدس" و"طوفان الأقصى".
ورغم أن القرار قد يعقد علاقة "نتنياهو" مع مكونات الائتلاف اليميني المتطرف، لكنه يحاول إحداث نوع من التوازن بين معسكره المتطرف والمعسكر المناويء له داخل "الكابينيت"، لا سيما في ظل عدم توافقهم على العديد من القضايا، خصوصًا ما يتعلق بإجراء صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب وما يعرف بخطة "اليوم التالي" للحرب. ورغم هذا التراجع، مازال من المرجح أن يواصل "نتنياهو" التماهي مع مواقف ائتلافه المتطرفة المتعلقة بالحرب والاستيطان ومستقبل غزة.