قضية ستحدّ من قدرة "نتنياهو" على المناورة

التجنيد الإجباري للمتدينين في "إسرائيل" قد يؤدي لانهيار حكومة الحرب واللجوء لانتخابات

الساعة : 15:30
5 مارس 2024
التجنيد الإجباري للمتدينين في

الحدث:

عادت قضية الخدمة العسكرية الإلزامية للمتدينين "الحريديم" في الجيش "الإسرائيلي" إلى الواجهة مجددًا، وذلك تزامنًا مع انطلاق جلسات استماع المحكمة العليا بشأن القضية؛ حيث أفاد موقع "واينت" العبري بأن الأمر المؤقت الصادر عن الحكومة بإعفائهم من التجنيد ينتهي بنهاية الشهر الجاري، وإذا لم يتم طرح قانون ينظم القضية في "الكنيست" نهاية الشهر، فسوف يتعين على الجيش تجنيد "الحريديم" ابتداءً من نيسان/ أبريل المقبل.

الرأي:

تأتي عودة قضية التجنيد الإجباري على المتدينين للواجهة وسط ظروف صعبة بالنسبة للجيش "الإسرائيلي"، الذي يعاني نقصًا عدديًا كبيرًا؛ حيث تفاقمت المشكلة مؤخرًا مع تزايد الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش منذ بدء الحرب على قطاع غزة، وحاجة الجيش للحشد في ثلاث جبهات تشمل غزة والضفة والجبهة الشمالية. وتشير التقديرات إلى أن هناك ما لا يقل عن ستة آلاف جندي خرجوا من الخدمة إما لأنهم قتلوا أو أصيبوا بإعاقات. بدوره، يطالب الجيش بإضافة سبعة آلاف جندي على الأقل لصفوفه، في ظل التهديدات التي تواجهها "إسرائيل".

ويعد فرض التجنيد على المتدينين من أكثر الأمور حساسية وإثارة في "إسرائيل"؛ حيث يعارض العلمانيون إعفاء المتدينين من التجنيد ويطالبون بتحملهم عبء الخدمة العسكرية. كما كشف الجيش مؤخرًا عن خطط لزيادة مدة الخدمة الإلزامية وتأخير تقاعد بعض جنود الاحتياط، الأمر الذي أثار جدلًا سياسيًا واسعًا وصل صداه إلى الشارع؛ فقد تم تنظيم احتجاجات من "الحريديم" ضد فرض التجنيد عليهم، فيمانظم المطالبون به مظاهرات لفرض التجنيد عليهم.

في غضون ذلك، انضم وزير الدفاع، يوآف غالانت، إلى المطالبين بتعديل قانون التجنيد ليشمل "الحريديم" على قاعدة "المساوة بالعبء"، في حين أن الوزيرين في حكومة الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، ربطا دعمهما لتمديد فترة الخدمة العسكرية بقبول خطتهما لتوسيع التجنيد الإجباري، باعتبار أن ذلك حاجة أمنية ووطنية.

وبذلك، يرى مركز "صدارة" أن حكومة الائتلاف اليميني أمام معضلة حقيقة حول قانون التجنيد الإجباري؛ حيث ترفض الأحزاب الدينية "الحريدية" فرض التجنيد بشدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة، خاصة بعد انضمام "غالانت" إلى المعسكر المناوئ لـ"نتنياهو" وشركائه "الحريديم"؛ فدون موافقة "غانتس" و"آيزنكوت" ودون دخول قانون جديد ابتداءً من الشهر القادم، فإن ذلك سيؤدي لوقف تدفق الأموال إلى مؤسسات التعليم "الحريدية"، ما يشكل تهديدًا حقيقيًا للائتلاف الحكومي.

أخيرًا، من الواضح أن هذه القضية ستضاف إلى القضايا العالقة بين معسكر "نتنياهو" والمعسكر المناوئ له، وستساهم في تعزيز الانقسام الداخلي والاحتجاجات في "إسرائيل"، كما أنها ستحد هذه القضية من قدرة "نتنياهو" على المناورة ومحاولة الحفاظ على الائتلاف اليميني، وفي الوقت نفسه الاستجابة لطلبات المناوئين له في "الكابينيت" بفرض التجنيد الإجباري على "الحريديم"، باعتبار ذلك ضرورة أمنية لـ"إسرائيل". وفي حال عدم التفاهم بينهما قد يكون خيار الانتخابات هو الأقرب، إلا إذا اتجه "نتنياهو" للتنازل في بعض القضايا العالقة مع "غالانت" و"غانتس" مقابل تمديد إعفاء "الحريديم".