حادث سيخلّف تداعيات سياسية واسعة

مقتل مدير الاستخبارات في ذي قار يعيد نزاعات عشائر العراق للواجهة

الساعة : 15:45
5 مارس 2024
مقتل مدير الاستخبارات في ذي قار  يعيد نزاعات عشائر العراق للواجهة

الحدث:

اندلع نزاع عشائري عنيف، مساء الأحد الماضي، بين عشيرتي "آل عمر" و"الرميض"، في قضاء "الإصلاح" بمحافظة ذي قار، استُخدمت فيه أسلحة ثقيلة ومتوسطة، وأدى لحرق عدد من المنازل السكنية وإصابة أربعة أشخاص بينهم اثنين من عناصر الشرطة، فيما قُتل مدير شعبة استخبارات ذي قار، العقيد عزيز فيصل، أثناء محاولته فض النزاع. وبسبب استخدام العشيرتين أسلحة متوسطة وثقيلة انسحبت القوات الأمنية من المنطقة لحين توقف القتال، فيما وصلت تعزيزات أمنية كبيرة من قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع للمنطقة، وقامت بإلقاء القبض على 75 متهمًا بالنزاع المسلح وفرضت حظر التجوال، فيما دخل الطرفان هدنة عشائرية مدتها عشرة أيام.

الرأي:

تُعد النزاعات العشائرية من أبرز المشكلات الأمنية التي تعاني منها مناطق جنوب العراق ووسطه، لأسباب يتعلق أغلبها بمشاكل الأراضي الزراعية وحصص المياه، وتتصاعد حدتها أحيانًا إلى حد استخدام قذائف هاون وقذائف صاروخية محمولة على الكتف. وبالنسبة للعشيرتين المتخاصمتين في حادثة قضاء "الإصلاح"، فقد سبق أن استجابتا لدعوة المرجع الديني، علي السيستاني، بحل خلافاتهما المستمرة منذ أشهر سلميًا، وكان من المفترض عقد جلسة صلح، لكن عشيرة الرميض قامت بنقض الهدنة وشنت هجومًا عنيفًا على قرية النواصر التابعة لعشيرة آل عمر، ما دفع الأخيرة للرد على الهجوم.

في هذا الإطار، ومن خلال مراقبة تطور النزاعات العشائرية في العراق، تُلاحظ زيادتها في مناطق الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية، والتي تمثل حاضنة الأحزاب المسيطرة على الحكم والحاضنة الشعبية للميليشيات المنخرطة ضمن الحشد الشعبي، أو الميليشيات خارج إطار الدولة والتي تسمى "الميليشيات الولائية"، وهو ما قد يفسر السبب في انتشار السلاح بين صفوف العشائر، حتى إن قادة أمنيين يقدرون أن ما تمتلكه العشائر من أسلحة يفوق ما لدى قوات الشرطة المحلية في النوعية والعدد.

كما يُلاحظ أيضًا، أنه رغم اطلاع الحكومة ومراقبتها لاستفحال ظاهرة النزاعات العشائرية على مدار السنوات الماضية، إلا أنها لم تعمل على التصدي لها ومكافحتها بشكل جاد، نظرًا لأنها كانت تراهن على تقوية العشائر للوقوف معها تجاه أي طارئ أمني في العراق، كجيش رديف لحماية النظام السياسي الحالي، وبالتالي فهي تتماهى في حيازة العشائر الشيعية للسلاح الثقيل والمتوسط. وفي موازاة ذلك، قد يكون لهذا الحادث تداعيات سياسية أوسع؛ فقد كشف عضو مجلس النواب عن محافظة ذي قار عن وجود حراك برلماني لتصنيف النزاعات العشائرية ضمن قانون مكافحة الإرهاب، وكشف عن تفاصيل مقترح شراء الأسلحة المتوسطة والثقيلة من المواطنين.