الحدث:
دخلت منطقة البقاع اللبناني (الشمالي، الأوسط، والغربي) في دائرة الاستهداف المكثّف من قبل الطيران "الإسرائيلي"؛ حيث استهدفت غاراته أكثر من منطقة في قضاء بعلبك - الهرمل (البقاع الشمالي). كما سُجل للمرة الأولى غارة "إسرائيلية" في البقاع الغربي، نفذت محاولة اغتيال استهدفت سيارة لأحد مسؤولي الجماعة الإسلامية في بلدة "الصويري". بالمقابل، وردًّا على استهداف "بعلبك" عمد "حزب الله" إلى قصف قواعد عسكرية للجيش "الإسرائيلي" في الجولان السوري المحتل برشقات صاروخية مكثفة. على صعيد آخر، استهدف الطيران الصهيوني في بلدة "عيتا الشعب" في الجنوب مكتبًا لشعبة حركة "أمل" وجمعية كشافة الرسالة الإسلامية التابعة لها ومبنى جمعية عيتا الشعب الخيرية، كما استهدف مكتبًا للحزب السوري القومي الاجتماعي في "كفر كلا"، ومركزًا للإسعاف تابعًا لجهاز الطوارىء والإغاثة الذي تدعي "تل أبيب" أنه مدعوم من "الجماعة الإسلامية" في بلدة "الهباريّة" بمنطقة شبعا.
الرأي:
تشير سلسلة الأحداث المتعاقبة الأخيرة إلى استراتيجية "إسرائيلية" في مسارين متلازمين؛ الأول في توسيع مدى ونطاق الاستهداف الجغرافي ليدخل ضمنه مناطق بعيدة جدًا عن خط المواجهة وفي العمق اللبناني، مثل منطقة البقاع التي تعتبر "عمقًا استراتيجيًا ولوجستيًا" لـ"حزب الله". أما المسار الثاني، فيكمن في توسيع طبيعة وبنك الأهداف، من خلال توسيع دائرة الاستهداف لتشمل إلى جانب "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" كل القوى والأحزاب اللبنانية العاملة على جبهة المقاومة (الجماعة الإسلامية/ الحزب القومي السوري/ حركة أمل)، باستهداف مقارها الحزبية والمدنية والصحية ومجموعاتها العسكرية، وحتى مسؤوليها كما جرى في بلدة "الصويري".
وتعكس هذه الاستراتيجية بوضوح سعي "إسرائيل" إلى تكريس معادلة جديدة؛ حيث أصبحت منطقة البقاع ضمن نطاق الاستهداف، كلما قام "حزب الله" بإطلاق مسيّرات تجاه مواقع بعيدة عن الحدود نسبيًا، أو استهدف مناطق في الجولان المحتل التي تعتبرها "إسرائيل" عمقًا لوجستيًا، لتتشكل بالتالي قواعد اشتباك جديدة "البقاع مقابل الجولان".
من جهة أخرى، تسعى "إسرائيل" كذلك من خلال تنويع طبيعة أهدافها، إلى إيصال "رسائل ردع" بالنار لكل القوى والحركات، ومع أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف فها مقار مدنية أو إغاثية، إلا أنها المرة الأوسع في مروحة الجهات المنخرطة في معركة "طوفان الأقصى".
وبالتالي، فستشهد الأيام القادمة من الجانب الإسرائيلي" مزيدًا من الاستهدافات التي قد تتوسع لتشمل مناطق جديدة، ونطاقًا أوسع من بنك الأهداف، مقابل استمرار "حزب الله" في نهجه المتمثل في استهداف تجمعات جنود العدو أو المواقع العسكرية، والمستوطنات الحدودية بشكل أعنف وأدق، مع بقاء الأوضاع في جبهة لبنان في مستوى "ما دون الحرب" الشاملة.