الحدث:
اعتقلت الأجهزة الأمنية الأردنية عشرات المتظاهرين خلال اليومين الماضيين، بعد خروج تظاهرات متتالية بعشرات الآلاف يوميًا في عموم المملكة بعد صلاة التراويح، وتحديدًا في منطقة تواجد السفارة "الإسرائيلية" في منطقة الرابية غرب العاصمة عمّان، تنديدًا باستمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة. كما أطلقت عناصر الدرك، التي انتشرت بصورة غير مسبوقة في محيط السفارة "الإسرائيلية"، قنابل الغاز بكثافة تجاه المتظاهرين. وحولت الأجهزة الأمنية عشرات الشبان المعتقلين بعد تعرضهم للضرب والإهانة إلى المدعي العام بتهم تعكير صفو النظام، في الوقت الذي رفض فيه حكام إداريون إخلاء سبيل العديد من الموقوفين.
الرأي:
تأتي الهبة الشعبية منسجمة مع تفاعل الشارع الأردني المستمر بالتظاهر منذ بداية العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة قبل نحو ستة أشهر؛ حيث مثلت تظاهرات الخروج بعد صلاة التروايح ذروة التفاعل الشعبي، ونقلة نوعية في عدد وجغرافيا التظاهر في عموم المملكة. كما سجلت التظاهرات حالة حالة تصعيد أمني تمثل في القمع والاعتقال، وبدء حملة تشويه مركزة ضد التظاهر والمتظاهرين.
في هذا الإطار، تعكس القبضة الأمنية في مواجهة التظاهرات حجم المخاوف لدى النظام من اتساع رقعتها الجغرافية لتصل الحدود، وتحولها لمستويات خارجة عن السيطرة، ودخول ملفات الوضع الداخلي المعيشي والسياسي على خط المطالبات.
من جهة أخرى، لم تشفع التصريحات العالية ومشاركة الملك والأمراء بعمليات الإنزال الجوي الإغاثي، إضافةً للغطاء الإعلامي المكثف لحملات المساعدات والتحركات الدبلوماسية، في إقناع الشارع بحقيقة موقف النظام من الحرب على غزة، بعد تكشف أدواره في تزويد الاحتلال بسلاسل التوريد الغذائية عبر الجسر البري، والسماح باستمرار تصدير الخضروات الأردنية، وانخراط صانع القرار في خطط الولايات المتحدة في غزة ما بعد العدوان .