الحدث:
ظهر طالبان جامعيان أمام نيابة أمن الدولة العليا، الإثنين الماضي، على خلفية ارتباطهما بحركة "طلاب من أجل فلسطين"؛ حيث أدرجتهما النيابة على ذمة القضية 1941 لسنة 2024 ووجهت لهما اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار كاذبة، وأمرت بحبسهما 15 يومًا على ذمة القضية. جاء هذا بعد أن ألقت السلطات المصرية القبض على "مازن دراز" الطالب بكلية طب المنصورة (20 عامًا) مساء الثامن من أيار/ مايو من الشارع بمدينة المنصورة، بينما ألقي القبض على "زياد بسيوني" الطالب بأكاديمية الفنون (20 عامًا)، المنسق العام لحركة "طلاب من أجل فلسطين"، فجر التاسع من الشهر نفسه، بعدما اقتحمت قوة ضمت ملثمين منزله واقتادته إلى مقر احتجاز مجهول، وجرى التحقيق معه بشكل غير رسمي أكثر من مرة وهو مقيد ومعصوب العينين.
الرأي:
يشير التحرك الطلابي الرمزي في مصر إلى تداعيات النشاط الطلابي الواسع الداعم لفلسطين في الولايات المتحدة؛ فرغم غياب أي نشاط طلابي عن الجامعات المصرية خلال السنوات الماضية نتيجة القمع الأمني، فإن هذا التحرك المحدود يعكس كيفية تأثير الحرب على غزة، بصورة عامة، على تسييس أجيال جديدة كانت بعيدة عن الشأن السياسي، وهو الأمر الذي يثير قلق الأجهزة الأمنية في مصر منذ بدء الحرب على غزة.
لذلك، ستواصل الأجهزة الأمنية نهجها الصارم في التصدي الخشن لأي أنشطة أو مواقف داعمة لفلسطين حتى لو كانت شخصية، خوفًا من تطورها لاحقًا في ظل حالة الغضب والتعاطف الكامنة في الرأي العام المصري، والتي قد تتحول إذا تُرك لها المجال من دعم فلسطين وغزة إلى انتقاد السلطات المصرية وتبني مطالب سياسية داخلية، كما حدث في مظاهرات 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي جرت برعاية جهات رسمية لكنّها لم تستطع التحكم فيها تمامًا، حتى إنها نجحت في الوصول إلى ميدان التحرير.
وبحبس الطالبين المذكورين يرتفع عدد المصريين المحبوسين لاتهامهم بالإرهاب على خلفية أنشطة أو مواقف داعمة لفلسطين إلى 93 شخصًا بينهم ثلاثة أطفال على الأقل، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وذلك من بين إجمالي 123 مواطناً ومواطنة داعمين لفلسطين تم التحقيق معهم على ذمة عشر قضايا أمام نيابة أمن الدولة العليا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ويشير تنوع هؤلاء المحبوسين، بين ناشطين وطلاب وأفراد غير منظمين، مع استمرار محاولات التعبير عن دعم غزة رغم القمع الأمني، إلى أن محاولات الناشطين المصريين لتحدي القمع الأمني ستتواصل، طالما استمرت حرب غزة وواصلت الحركة الشعبية العالمية الداعمة لفلسطين حراكها، وهذا ما سيدفع الحكومة المصرية لمواصلة خطاب داعم لغزة واتخاذ إجراءات رمزية لتجنب استفزاز الرأي العام الداخلي.