الحدث:
نقلت وسائل إعلام رسمية مصرية عن مصادر سيادية أن مصر أوقفت التعاون مع حكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي. جاء هذا بعد أن أعلنت الخارجية المصرية أن القاهرة تعتزم التدخل رسميًا لدعم دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، التي تتهم فيها "إسرائيل" بارتكاب جرائم إبادة جماعية، في ظل الهجمات المتصاعدة في غزة والاستهداف الممنهج للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع.
الرأي:
رغم أن انضمام مصر إلى قضية الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل" يمثل أكبر خطوة دبلوماسية مصرية ضد الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة، لكن من المؤكد أن هذه التحركات تحمل طابعًا رمزيًا فقط ولن تعكس أي تغير في حقيقة موقف القاهرة من العلاقة مع "إسرائيل" أمنيًا واقتصاديًا، أو أي تغيير في أولويات مصر إزاء حرب غزة ومستقبل القطاع بعد الحرب. لذلك، فقد حرص وزير الخارجية المصري، تزامنًا مع الإعلان عن التحرك الداعم لقضية جنوب أفريقيا، على التأكيد على موقف بلاده الذي يعتبر اتفاقية كامب ديفيد "خيار مصر الاستراتيجي".
بدورها، تستهدف القاهرة من وراء هذه التحركات أولًا احتواء الضغوط الداخلية على الحكومة لاتخاذ المزيد من الإجراءات ضد "إسرائيل"، خصوصًا بعد بدء الهجوم على رفح وإعادة احتلال الجانب الفلسطيني من المعبر، كما تستهدف التعبير عن غضبها من إجهاض رئيس وزراء الاحتلال اتفاق التهدئة الذي صاغته مصر ووافقت عليه "حماس"، وكاد أن يمثل إنجازًا دبلوماسيًا مصريًا.
في الخلاصة، ليس من الواضح بعد ماهية ومستوى "التدخل الرسمي" الذي ستقوم به مصر لدعم دعوى جنوب أفريقيا، والذي تعمدت الخارجية المصرية تركه غامضًا فيما يبدو، كي تترك خياراتها مفتوحة للضغط على الاحتلال، لكن رغم ذلك، من المرجح أن تواصل مصر قريبًا اجتماعات التنسيق الأمني مع الاحتلال، كما ستواصل جهودها للتوصل لاتفاق تهدئة.