الحدث:
أعلن وزير الداخلية التركي، في الـ27 من أيار/ مايو الجاري، تفكيك عصابة مافيا تدعى "دورمش غورماز" في تسع ولايات منها العاصمة أنقرة وولاية إسطنبول، وذلك لضلوع أفرادها في عمليات ترهيب وابتزاز وتجارة المخدرات والتجارة غير المشروعة في الأسلحة.
الرأي:
يندرج تفكيك عصابة "دورمش غورماز" ضمن حملة موسّعة تقودها وزارة الداخلية التركية ضد عصابات المافيا في سائر أنحاء البلاد؛ فقد طالت في أيار/ مايو فقط نحو ثمان عصابات بإجمالي عدد موقوفين يصل إلى 250 شخصًا. كما امتدت الحملة إلى خارج تركيا؛ حيث تم توقيف زعيم عصابة مافيا تركية يدعى "بارش بويون" و19 من أفراد عصابته في إيطاليا، في عملية أمنية مشتركة مع الشرطة الأوروبية والشرطة الدولية "الإنتربول".
وتتزامن الحملة على عصابات المافيا التركية مع إعداد مجموعة من التشريعات تشدد العقوبات على جرائم متنوعة، تشمل التلاعب بالرأي العام والتجسس والتسعير الفاحش، فضلًا عن قوانين أخرى تتعلق بإصلاح الشرطة ومكافحة الكلاب الضالة، وهو ما يعكس توجهًا لدى الحكومة بضبط الشارع بعد انتهاء فترة الانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية تباعًا، والدخول في مرحلة من الاستقرار السياسي تتيح التحرك ضد عصابات الجريمة المنظمة واللوبيات التي تقدم لها الحماية.
وقد اصطدمت عملية تفكيك عصابة "آيهان كابلان" بإدراج بعض الموقوفين بالتعاون مع قيادات شرطية لأسماء شخصيات مقربة من الرئيس "أردوغان"، مثل رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة، فخر الدين ألطون، ومدير مكتب الرئيس، حسن دوغان، ووزير الداخلية السابق، سليمان صويلو، ما دفع "أردوغان" لاستدعاء مدير جهاز الاستخبارات، إبراهيم قالن، ووزير العدل، يلماز تونتش، لاجتماع في القصر الرئاسي بأنقرة لمتابعة توقيف نائب مدير أمنيات أنقرة، ومدير شعبة مكافحة الجريمة المنظمة في أمنيات أنقرة ونائبه بتهمة ضلوعهم في التنسيق مع عصابة "كابلان"، لتغيير إفاداتهم وإحداث بلبلة سياسية وضرب الأجهزة الأمنية بعضها ببعض.
ويعدّ العامل المشترك بين أغلب عصابات المافيا المستهدفة هو انتماء عناصرها للتيار القومي وقربهم من دوائر حزب "الحركة القومية"، الحليف لـ"حزب العدالة والتنمية"، وهو ما دفع رئيس الحزب، دولت بهتشلي، للإعلان عن دعمه للرئيس "أردوغان" ضد أي مجموعات تضر بمصالح البلاد. ويُنظر لسياسة وزير الداخلية، علي يرلي كايا، بأنها تهدف لإنهاء نفوذ اللوبيات القومية التي تقوم على التحالف بين عصابات المافيا وبعض المتنفذين في أجهزة الأمن، كما تستبطن تحركاته التخلص من إرث وزير الداخلية السابق، النائب الحالي في البرلمان، سليمان صويلو، وهو ما سيضعه في صدام مع تلك اللوبيات نظرًا لنفوذ وعلاقات "صويلو"، وقد يؤدي ذلك إلى بعض التوتر بين حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية".