الحدث:
أعلن الجيش "الإسرائيلي" مقتل جنديين في حادثة دهس (هجوم بسيارة) قرب نابلس شمال الضفة الغربية، فيما ذكرت هئية البث "الإسرائيلية" أن عملية الدهس وقعت عند حاجز "عورتا" العسكري المحاذي لموقع استيطاني. وادعى جيش الاحتلال أن السائق خرج من مسلكه المخصص للعبور نحو الحاجز وقام بدهس الجنود قبل أن ينسحب من المكان باتجاه مدينة نابلس، في مشهد فاجأ جنود الاحتلال وقادة الجيش الذين زاروا المكان؛ ليُعلن فيما بعد أنها "عملية مقصودة" وفقًا لصحيفة "هآرتس".
الرأي:
بينما يواصل جيش الاحتلال اقتحاماته اليومية لمدن وقرى الضفة الغربية وتحديدًا شمالها، جاءت هذه العملية لتعيد للواجهة الشكوك مجددًا حول جدوى الإجراءات الأمنية التي تفرضها الحكومة "الإسرائيلية" المتطرفة على الضفة الغربية، بهدف منع تطور العمل المقاوم في الضفة ضمن سياسة "جز العشب" التي تتبعها.
ولا تكمن أهمية العملية في زمانها أو أسلوب وطريقة تنفيذها فحسب بل في مكانها أيضًا؛ حيث اختار المنفذ الحاجز العسكري الذي أعيد تشغيله وتحصينه عسكريًا وتزويده بالسواتر الإسمنتية والحديدية بعد السابع من أكتوبر الماضي، فضلًا عن تزويده بمختلف الوسائل التقنية لحماية الجنود فيه. كما كسرت عملية "عورتا" حالة الهدوء النسبي لعمليات المقاومة في مدينة نابلس، التي كانت واحدة من أبرز الساحات في المواجهة مع الاحتلال.
في السياق ذاته، تأتي العملية بعد إقدام حكومة "نتنياهو" على إلغاء سريان قانون "فك الارتباط" شمال الضفة، وإطلاق العنان للمشاريع الاستيطانية، إلى جانب مواصلة خنق الضفة اقتصاديًا وماليًا، وتدمير البنى التحتية والاقتصادية ومداهمة شركات الصرافة ومصادرة وسرقة أموال الفلسطينيين. وبالتالي، فإن كل المؤشرات تشير إلى عودة الضفة لحالة من تصاعد العمل المقاوم والعمليات الفردية، وسيكون من الصعب على الاحتلال فرض الهدوء في مثل هذه الظروف.
والخلاصة أنه من المرجح أن تشكل هذه العملية نموذجًا لتنفيذ عمليات مشابهة، كما إن السلطة الفلسطينية ستجد نفسها أمام خيارات صعبة في ظل الأزمة المالية التي تعانيها من جانب، وفي ظل ضغط الاحتلال عليها لملاحقة المقاومة من جانب أخر، فضلًا عن زيادة السخط الشعبي عليها في ظل موقفها من التصعيد الحالي وضعف موقفها من الحرب على غزة.