الحدث:
تعرضت السفارة الأمريكية في منطقة "عوكر" في لبنان لعملية "إطلاق نار" من قبل شخص سوري الجنسية يدعى "قيس فراج"، لتسفر العملية عن إصابته وتوقيفه ونقله إلى أحد المستشفيات للمعالجة بعدما اشتبك معه ولمدة نصف ساعة عناصر الجيش اللبناني المنتشرين في المنطقة، وعناصر أمن السفارة.
وفي التفاصيل، فقد انطلق المنفذ من منطقة "مجدل عنجر" (البقاع) متوجهًا نحو السفارة الأميركية مستعينًا بوسائل النقل العام حاملًا حقيبة صغيرة بداخلها سلاح حربي وعدد كبير من الذخائر. وبحسب المعلومات المتوفرة، بعد أن أُصيب المهاجم كان يردد عدة مرات قبل أن يفقد وعيه أنه قام بالعملية "نصرةً لغزة".
وعلى إثر الحادث، نفذت مخابرات الجيش وفرع المعلومات في الأمن الداخلي وأمن الدولة حملة مداهمات في بلدات الصويري ومجدل عنجر في البقاع أسفرت عن توقيف 16 شخصًا بينهم شقيق المنفذ، وشيخ كان يتلقى لديه دروسًا دينية في المنطقة.
الرأي:
تعد حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية، هي الثانية بعد عملية إطلاق نار من قبل عامل "ديليفري" في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وبعد سلسلة من المواجهات العنيفة بين عناصر الأمن الداخلي ومكافحة الشغب ومتظاهرين متضامنين مع غزة سقط خلالها عدد من الجرحى.
ولعل الحادثة، بغض النظر عن خلفياتها، تشكل خرقًا أمنيًا في منطقة من المفترض أن تكون محصنة أمنيًا لا سيما بعد تعزيز الإجراءات حولها منذ بدء حرب غزة، ووقوع الحوادث السابقة من أشهر، كما تعكس قصورًا في ضبط الوضع الأمني في لبنان إلى حد ما.
في غضون ذلك، وبرغم ما تسرّب من تحقيقات أولية حول خلفيات المنفذ وكونه يؤيد تنظيم "داعش"، إلا أن أسلوب تخطيط وتنفيذ العملية وفق تقديرات أمنية يدلل على أن العملية "عملٌ فرديّ" يندرج في إطار "النفس الاعتراضي" من انحياز السياسة الأمريكية لصالح العدو "الإسرائيلي" في الحرب على غزة. من جهة أخرى، يرى مركز "صدارة" أن هذه العملية قد تعطي الأجهزة الأمنية اللبنانية ذريعة من بوابة "الأمن الاستباقي" والتخويف من استغلال الأجواء المشحونة من الحرب للقيام بعمليات "انتقامية وضمن إطار نصرة فلسطين وغزة"، وهو ما سيستدعي تشديد "العين الأمنية"، وبالأخص في مجتمعات اللجوء السوري والبيئات السنية. وما قد يدلل على ذلك عمليات التوقيف لمجموعات فردية تحمل أفكارًا "جهادية" آخرها توقيف 8 شباب في منطقة البداوي بطرابلس منذ أيام.
على صعيد آخر، قد يشكل تورط "سوري" في هكذا عمليات أو حوادث عامل تحفيز يتسق مع الحالة الشعبية لا سيما في المناطق المسيحية، والحملة الأمنية ضد النزوح السوري والتي بدأت غداة عملية مقتل المسؤول في القوات اللبنانية، باسكال سليمان، على يد سوريين، والتي ركزت على مكافحة انتشار السلاح في مجتمعاتهم وتورطهم في العديد من الجرائم المجتمعية.