الحدث:
شُيّع في إيران في السابع من حزيران/ يونيو الجاري جثمان "نور الله نوري"، أحد مستشاري الحرس الثوري، عقب وفاته متأثرًا بجراحه في غارة "إسرائيلية" على معمل للنحاس في بلدة حيان بريف حلب الشمالي مطلع هذا الشهر، والتي أسفرت عن مقتل 17 شخصًا وإصابة 15 آخرين منهم المستشار العسكري الإيراني، سعيد أبيار.
الرأي:
يُعدّ "نوري" و"أبيار" أول قتيلين من الحرس الثوري الإيراني في سوريا بغارات "إسرائيلية" بعد القصف الإيراني على "إسرائيل" منتصف نيسان/ إبريل الماضي بمئات الطائرات المسيرة والصواريخ، والذي تعهد إثره قادة الحرس الثوري بالرد مباشرة من داخل الأراضي الإيرانية تجاه "إسرائيل" في حال تعرض مصالح بلادهم لأي هجمات "إسرائيلية". وبالتالي، فإن الغارة "الإسرائيلية" على حلب تعتبر ضمن الخطوط الحمراء التي حاولت طهران فرضها في معادلة الصراع، كما أنها تؤكد على أن رسم تل أبيب خطوط الاشتباك الخاصة بها.
وقد هدد قائد الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، تل أبيب مشددًا على أن الرد على مقتل "أبيار" قادم لا محالة، وأن على "إسرائيل" انتظاره. لكن تأخر الرد وانشغال طهران بالإعداد لانتخابات الرئاسة خلال الفترة الانتقالية يعني أن طهران لا تنظر للاستهداف الأخير كتجاوز خطير لقواعد الاشتباك. وقد لوحظ تصعيد في وتيرة ونوعية هجمات "حزب الله" اللبناني بعد أن فقد عددًا من مقاتليه في الغارة "الإسرائيلية" على حلب؛ فقد وصلت طائراته المسيرة إلى عمق 40كلم داخل فلسطين المحتلة، كما صار يقصف القواعد العسكرية "الإسرائيلية" في الجولان بشكل شبه يومي، وهو ما يمثل ردًا ضمنيًا على غارة حلب، لكن تصريح "سلامي" يشير إلى أن بلاده تخطط لرد مباشر يرمم معادلة الردع.
وبالتالي، ففي حال مرور مزيد من الوقت دون رد إيراني، فإن "إسرائيل" ستكرر تلك النوعية من الهجمات دون تنفيذ هجمات فجة من قبيل قصف مقرات دبلوماسية إيرانية، بحيث تتجنب حدوث تصعيد كبير، لكنها ستبقي على حرية عملها في الساحة السورية، وستعتبر أن التهديدات الإيرانية من جنس تهديدات النظام السوري على الغارات التي تستهدف قواته، أي أنها تهديدات كلامية أكثر منها عملية؛ فالرد المباشر من إيران تجاه "إسرائيل" يحمل مخاطر تصعيد إقليمي وحرب لا يود الطرفان خوضها.