الحدث:
كثّف"حزب الله"، خلال الأسبوعين الماضيين، عمليات إطلاق المسيرات بكافة أنواعها، خصوصًا المسيّرات "الانقضاضية" أو"الانتحارية"، تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة ووسّع نطاق استهدافها الجغرافي؛ حيث وصلت إلى مناطق "حيفا" و"عكا" ولأول مرة نهاريا والناصرة اضافة لمناطق الجولان السوري، وأحدثت خسائر في قواعد عسكرية ومستوطنات وأشعلت حرائق هائلة في مساحات واسعة في المناطق المستهدفة. وكشفت تقارير عبرية عن ارتفاع عدد حوادث إطلاق أو تسلل طائرات مسيّرة من لبنان من 42 مسيّرة في نيسان/ أبريل إلى 85 مسيّرة خلال أيار/ مايو الماضي.
الرأي:
تشكّل الطائرات المسيّرة سلاحًا استراتيجيًا لـ"حزب الله" في عملياته المتصاعدة منذ بدء معركة "طوفان الأقصى"؛ حيث توفّر له القيام بمسح استطلاعي للأهداف "الإسرائيلية"، يمكنّه من تنفيذ عمليات نوعية دقيقة وناجحة على مسافات متفاوتة شمال فلسطين المحتلة، كما جرى خلال الأسبوعين الماضيين.
بالمقابل، تمثل الطائرات المسيّرة، وباعتراف العدو، تهديدًا صعبًا للنظام الدفاعي الجوي "الإسرائيلي"، حيث أظهر عيوب النظام من خلال فشله في اعتراض العديد من المسيرات أو الصواريخ التي تم إطلاقها تجاه مناطق الاحتلال. يأتي ذلك في ظل تقدير صهيوني بأن معدل نجاح عمليات اعتراض المسيرات لن يصل إلى مستوى مرتفع، نظرًا لمجموعة من العوامل، منها: أولًا التضاريس؛ حيث إن للمنطقة الحدودية طبيعة طوبوغرافية معقدة وصعبة بالنسبة للنظام الدفاع الجوي. وثانيًا حجم المسيّرة؛ فكلما كانت أصغر كلما كان من الصعب على منظومات الرادار رصدها قبل وصولها إلى هدفها. أما العامل الثالث فهو مسافة الرحلة؛ فكلما كانت المسافة أقصر نقصت الفترة الزمنية التي يمكن خلالها اعتراضها. وأخيرًا، فإن تحليق المسيرات على ارتفاعٍ منخفضٍ جدًا يمكنّها من تجاوز منظومات الرادارات.
وبالتالي، ورغم محاولات الجيش "الإسرائيلي" التعامل مع هذا التهديد بنشره بطاريات "فولكان" في عدة مواقع على الحدود الشمالية، لكن، ولما ذكرناه من عوامل ومع ترجيح تصاعد هذا النمط من العمليات خلال الفترة المقبلة، ستظل المسيّرات عامل "إرباك" وتهديد مستمر للقواعد العسكرية والمستوطنات شمال فلسطين المحتلة، لا سيما مع التركيز بشكل أكبر على نوعية وطبيعة الأهداف واتساع نطاقها الجغرافي.