الحدث:
عقدت كل من طهران وستوكهولم صفقة تبادل سجناء برعاية مسقط؛ أفرجت بموجبها السلطات السويدية، منتصف حزيران/ يونيو الجاري، عن "حميد نوري"، المسؤول القضائي الإيراني السابق والمحكوم بالسجن مدى الحياة في السويد، مقابل إطلاق طهران سراح المواطنيْن السويدييْن، يوهان فلودروس وسعيد عزيزي.
الرأي:
تمثل هذه الصفقة انتصارًا لإيران في قضية ذات حساسية؛ حيث اعتقلت السلطات السويدية "حميد نوري" عام 2019 بمطار أرلاندا في ستوكهولم، بحجة ضلوعه في إصدار أحكام قضائية بالإعدام ضد معارضين سياسيين إيرانيين عام 1988، ووُجهت له اتهامات بارتكاب جرائم حرب وقتل وصدر ضده قرار بالسجن لمدة 25 عامًا. وفجرت القضية أزمة كبيرة في العلاقات الإيرانية السويدية؛ حيث اعتبرت طهران أن واقعة احتجاز وسجن "نوري" تمثل سابقة ستفتح الباب لتوقيف وسجن المسؤولين الإيرانيين حال سفرهم خارج البلاد بتهم تتعلق بسياساتها المحلية، وهو ما يمس السيادة الإيرانية ويمثل انتهاكًا لشؤونها الداخلية وابتزازًا لها.
بدورها، حاولت طهران حل أزمة "نوري" بطرق قانونية دون جدوى؛ فقد رفضت المحكمة العليا في السويد في آذار/ مارس 2023 استئناف الحكم الصادر بحقه، ولذا لجأت طهران إلى أسلوبها المفضل في تلك الحالات وهو دبلوماسية الرهائن فاحتجزت "يوهان فلودروس"، وهو مواطن سويدي يعمل موظفًا في الاتحاد الأوروبي خلال زيارته إلى إيران عام 2022، ثم اتهمته عام 2023 بالتجسس لحساب "الموساد"، ثم أضافت سجينًا ثانيًا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، باعتقال المواطن السويدي مزدوج الجنسية، سعيد عزيزي، وفاوضت عليهما مقابل إطلاق "نوري"، وهو ما توج بصفقة التبادل رغم ضغوط المعارضة الإيرانية في أوروبا.
لكن هذه الصفقة لم تشمل المواطن السويدي مزدوج الجنسية، أحمد رضا جلالي، والذي تتهمه طهران بالتجسس لحساب "الموساد" والتسبب في اغتيال اثنين من علمائها النوويين وتحتجزه منذ عام 2016، رغم مطالبة السويد بإطلاق سراحه، ولذلك سارعت أسرة "جلالي" باتهام الحكومة السويدية بخيانته وتركه ليواجه خطر تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه، وبالتالي فإن استبعاد "جلالي" من صفقة التبادل يشير إلى تنفيذ إيران للصفقة وفق شروطها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصفقة مع السويد تضاف إلى صفقتين في العامين الماضيين نجحت خلالهما طهران في استعادة 530 مليون دولار محتجزة لدى لندن، مقابل الإفراج عن اثنين من المواطنين البريطانيين المسجونين في إيران، وإطلاق سراح خمسة أمريكيين محتجزين لدى طهران بتهمة التجسس مقابل إفراج الولايات المتحدة عن سجينين إيرانيين محتجزين لديها، وهو ما يعزز تمسك إيران بهذا النهج.