الحدث:
صادق المجلس الوزاري "الإسرائيلي" المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" على شرعنة خمس بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في أنحاء الضفة، إضافةً إلى سلسلة من الإجراءات "العقابية" التي تستهدف السلطة الفلسطينية وإخضاع مناطق واسعة من الضفة للقانون "الإسرائيلي". بالمقابل، سيوافق وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، على تسليم أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية ويسمح بتمديد إعفاء يسمح للبنوك "الإسرائيلية" بالعمل مع نظيرتها الفلسطينية.
الرأي:
يأتي هذا القرار من قبل الحكومة "الإسرائيلية" في سياق استرضاء اليمين المتطرف، لا سيما ما أراده الوزير المتطرف "سموتريتش" بضم الضفة بشكل تدريجي والعمل على تغيير الوضع فيها، وذلك مقابل عدم المضي في الإجراءات العقابية التي تدفع نحو انهيار السلطة أو حلها، خصوصًا في ظل استمرار الحرب على جبهة الجنوب وزيادة احتمال تصاعد المواجهة على جبهة الشمال، وضغوط واشنطن من أجل تجنب إضعاف السلطة الفلسطينية.
بالتالي، فإن الربط بين شرعنة الاستيطان والعقوبات من جهة وتحويل أموال "المقاصة" من جهة أخرى، يأتي في سياق التجاذبات السياسية والعسكرية والأمنية "الإسرائيلية"، وذلك في ظل المعضلة التي تواجهها حكومة الاحتلال سواء في جبهة قطاع غزة أو فيما يتعلق بالعديد من ملفات الاستقطاب الداخلي. كما يُظهر القرار السعي المستمر من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة لابتزاز "نتنياهو" للمحافظة على الائتلاف الحكومي؛ فقد كانت شرعنة الاستيطان جزءًا من الاتفاق بين حزبي "الصهيونية الدينية" و"القوة اليهودية" مع "الليكود" عند تشكيل الائتلاف الحالي.
من جانب آخر، أظهر القرار مدى التباين والتجاذب الحاد بين المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" والمستوى السياسي؛ وذلك في ظل توقعات الأولى بأن ضرر العقوبات ضد السلطة أكبر من نفعها في الوقت الحالي، والخوف من انهيار الوضع الأمني بشكل كامل في الضفة وعدم قدرة السلطة على القيام بمهامها، لا سيما فيما يتعلق بالتنسيق الأمني. وبالتالي، تخشى المؤسسة الأمنية من تفجر الوضع في نهاية المطاف وانخراط جبهة الضفة في المواجهة القائمة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
بالمحصلة، فإن التوسع الاستيطاني سيمهد الطريق للضم الجزئي أو الكامل في نهاية المطاف، كما إنه سيضعف من موقف السلطة الفلسطينية وربما يؤدي لتقويضها مع مرور الوقت، رغم تقديم بعض التسهيلات المالية لها، والتي تهدف للحفاظ عليها كسلطة وظيفية.