أحداث الشغب الأخيرة ضد السوريين تُزكي روح العداء وتفتح الباب لاعتداءات أوسع ضد الأجانب

الساعة : 13:00
2 يوليو 2024
أحداث الشغب الأخيرة ضد السوريين تُزكي روح العداء وتفتح الباب لاعتداءات أوسع ضد الأجانب

الحدث:

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، في الأول من تموز/ يوليو الجاري اعتقال 67 شخصًا على خلفية أحداث شغب شهدتها ولاية قيصري في الليلة السابقة ضد السوريين، إثر انتشار فيديو لتحرش شاب سوري بطفلة سورية من عائلته في المدينة ذاتها، فيما شهدت مدينة هطاي مساء الإثنين اعتداءات على محلات سورية وحرق بعضها. بالمقابل، ورداً على أحداث الشغب في قيصري، اندلعت مساء الإثنين مظاهرات غاضبة في مناطق الشمال السوري المحرر، شهدت تحطيم شاحنات تركية ومهاجمة بعض مقرات الحكومة التركية في عفرين وريف حلب، مثل مقر الوالي والبريد التركي، وأنزل المتظاهرون الغاضبون الأعلام التركية من فوق المباني. وقد دفع ذلك السلطات التركية لسحب موظفيها المدنيين، وأطلق الجيش التركي النار على المحتجين، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى.

الرأي:

تعتبر أحداث الشغب الأخيرة الأكبر من نوعها ضد اللاجئين السوريين؛ حيث قام مواطنون أتراك بتحطيم وحرق منازل وسيارات ومحلات ودراجات نارية مملوكة لسوريين، ما دفع العديد من العائلات السورية للتوجه إلى المساجد للاحتماء بها، بينما كان اللافت في الحادث أن الشغب وقع إثر حادث بين سوريين دون ارتباط بأي مواطن تركي.

وقد وقعت أحداث الشغب بعد تشديدات أمنية غير مسبوقة ضد السوريين في غازي عنتاب، تُوّجت بزيارة وزير الداخلية التركي إلى المدينة للإِشراف بنفسه على ما وصفها بالإجراءات التي تستهدف الهجرة غير النظامية، وذلك بالتزامن مع تكثيف عمليات الترحيل القسري للسوريين. كما تتزامن أحداث الشغب هذه مع تزايد دعوات كل من المعارضة و"حزب العدالة والتنمية" الحاكم لإعادة السوريين إلى بلادهم، وهو ما عزز الاحتقان الشعبي ضد الأجانب، في ظل تصويرهم بأنهم سبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وأن الأمور ستتحسن فور إبعادهم، وهي مزاعم تساهم في زيادة التحريض ضد الأجانب عمومًا وتُبقي احتمال تكرار حوادث العنصرية مرتفعًا.

وبالنظر إلى هذه الحادثة ومثيلاتها، يمكن القول إن تهاون الأجهزة الأمنية في التصدي للاعتداءات الجماعية ضد السوريين وغض الطرف عن الجناة، واستمرار التلاعب بورقة الأجانب ضمن الصراعات السياسية المحلية، سيصنع بيئة قد تؤدي لارتكاب هجمات جماعية ضد الأجانب، وهو أمر تكرر في تركيا سابقًا ضد العلويين واليساريين في حوادث دامية شهدت مقتل العشرات في كل منها على يد الجماهير الغاضبة.

وعليه، فإن الأوضاع الحالية ستكون لها تداعيات عميقة على العلاقات التركية السورية على المستوى الشعبي، وعلى النظرة لتركيا في محيطها العربي والإسلامي، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات وقرارات حاسمة لوضع حد لأعمال الشغب ومحاسبة الجناة. ويبدو أن ذلك ما دفع وزير الداخلية التركي لسرعة الإعلان عن اعتقال المتورطين، والتنديد بأحداث الشغب في قيصري ووصفها بأنها تصرفات "غير قانونية ولا تتناسب مع قيمنا الإنسانية". كما شدد الوزير على "عدم السماح بكراهية الأجانب التي ليست في عقيدتنا"، فيما ندد الرئيس التركي بالأحداث قائلًا إن تركيا "لم تكن هكذا قط ولن تكون هكذا مرة أخرى".