الحدث:
تعرضت ممتلكات اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية ليلة الأحد الماضي لأعمال تخريب وتحطيم وحرق نفذها شبان أتراك، بحجة قيام أحد السوريين بالتحرش بطفلة سورية ، وفي اليوم التالي للحادثة شهدت مناطق في ريف حلب وإدلب الواقعة ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية أحداثاً مماثلة تمثلت بالاعتداء على سائقين أتراك واستهداف شاحناتهم، وتطورت الأحداث في الشمال السوري شيئا فشيئا لتصل إلى حد إحراق العلم التركي وإنزاله من أسطح المؤسسات الرسمية في الباب واعزاز، مما أشعل غضبا ترجمه شبان أتراك ليلة الاثنين بحوادث اعتداء في غازي عنتاب ومناطق حدودية أخرى.
وفي غضون ذلك، أخذ التوتر مسارا أكبر في عفرين، حيث اندلعت فيها مواجهات بين مسلحين من جهة والقوات التركية من جهة أخرى، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
الرأي:
بعد يوم حافل بالتطورات تشهد حالياً المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة وفي ريف حلب على الخصوص حالة من الهدوء، ويتزامن ذلك مع إغلاق الجانب التركي للمعابر البرية، وبالرغم من كون هذه التطورات الأمنية في الشمال السوري تبدو مرتبطة ظاهرياً بما حدث في ولاية قيصري، إلا أنها في الحقيقة تعود لأسباب عديدة أعمق من هذا السبب.
تشكل الحالة الفصائلية وحالة الفوضى الأمنية التي تعيشها هذه المناطق بيئة غير منظبطة ومعرضة للفلتان والانجرار خلف أي دعوة تحريضية من جانب، ومن جانب آخر شكلت المواقف التركية الأخيرة ردة فعل سلبية لدى الشارع السوري وضمن أوساط المعارضة، حيث نشرت بعض الصحف التركية عن لقاء بين وفدين من النظام السوري والتركي في قاعدة حميميم الروسية قبل أسابيع، وتبعها تصريحات من الرئيس التركي "أردوغان" ألمح فيها إلى إحتمالية عودة العلاقة الشخصية مع بشار الأسد، بالإضافة إلى التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن لقاء أمني مرتقب بين الجانبين السوري والتركي في العاصمة العراقية بغداد قريباً، بالإضافة لقيام المجلس المحلي لمدينة الباب "بترتيبات تركية روسية" بفتح معبر (أبو الزندين) التجاري بين مناطق المعارضة والنظام قبل أيام، كل هذه المواقف التركية زادت من احتقان الشارع السوري تجاه تركيا، فجاءت أحداث قيصري لتكون الشرارة التي فجرت الأحداث بهذا الشكل.
لا شك أن الإجراءات التي قامت بها الحكومة التركية من قطع الأنترنت بشكل جزئي عن الشمال السوري، وإغلاق المعابر، قد تساهم في توقف هذه الموجة من الاحتجاجات في الأيام القليلة القادمة، ولكن في حال استمرار الحكومة التركية بالتعامل مع الملف السوري من منطلق الأمن القومي التركي والمصلحة التركية فقط، دون النظر إلى انعكاسات هذه السياسات على المجمتع السوري الذي تديره في مناطق المعارضة، فسنشهد في المستقبل تحركات أخرى مناهضة للوجود التركي في الشمال السوري.