الحدث:
بعد فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بنسبة 55% من أصوات الناخبين، اجتمع الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، مع قائد الشرطة الإيرانية؛ حيث أكد على ضرورة احترام كرامة المواطن أثناء التعامل معه. كما أرسل "بزشكيان" رسالة إلى الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، شدد فيها على أن دعم المقاومة متأصل في سياسات إيران المبدئية وتوجيهات مرشد الثورة، وأن إيران ستظل داعمة لكل جماعات المقاومة بالمنطقة في وجه الكيان الصهيوني.
الرأي:
توضح رسالة "بزشكيان" (وهو أحد رموز التيار الإصلاحي) إلى قائد الشرطة سعيه إلى امتصاص حالة الاحتقان داخل المجتمع الإيراني، والتي بلغت ذروتها في الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة الكردية "مهسا أميني" عام 2022 عقب توقيفها على يد شرطة الأخلاق. فرغم دعم "بزشكيان" للحجاب لكنه وعد بإلغاء شرطة الأخلاق ووقف حجب الإنترنت، ويرجح أن تساعده خلفيته الاجتماعية على مخاطبة المكون الكردي الذي دفع فاتورة كبيرة من القتلى والمعتقلين في مظاهرات 2022؛ إذ إن "بزشكيان" مولود لأب أذري وأم كردية.
رغم ذلك، فإن تغيير السياسة الأمنية الداخلية عبر إلغاء الإجراءات التي أثارت الجدل خلال السنوات الأخيرة، مثل شرطة الأخلاق ودورياتها، لا يعني تغيير السياسات الخارجية، وفي القلب منها الموقف تجاه الكيان الصهيوني وجماعات المقاومة. فضمن هذا السياق تأتي رسالة "بزشكيان" إلى "نصر الله"، والتي تتزامن مع تهديدات صهيونية بشن حرب واسعة ضد لبنان، ما يعكس التزام الرئيس الجديد بالخط العام للسياسة الإيرانية.
كما إن بروز دور وزير الخارجية الإيراني السابق، جواد ظريف، خلال حملة "بزشكيان" الانتخابية يشير إلى احتمال التوجه نحو تخفيف التوترات مع الغرب لرفع العقوبات والتفاهم حول الملف النووي، وذلك في ظل توجس "ظريف" والإصلاحيين عمومًا من الشراكة مع روسيا، وهو ما قد يؤدي إلى توترات داخلية في عملية صنع السياسة الخارجية، لكن من غير المرجح أن يتمكن "بزشكيان" من تغيير السياسة الخارجية حتى في حال أراد ذلك. فصنع السياسة الخارجية الإيرانية تشارك فيه جهات عديدة في مقدمتها مرشد الثورة، ثم مجلس الأمن القومي، إضافةً إلى الحرس الثوري الذي يشرف على أنشطة تسليح ودعم الجماعات الحليفة والصديقة لطهران في عدة دول بالمنطقة. وقد قيدت تهنئة "آية الله خامنئي" لـ"بزشكيان" بفوزه بالرئاسة خطواته عبر دعوته للالتزام بنهج الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، والسير على خطاه، وهو ما يعني الحث على الالتزام بدعم محور المقاومة، وسياسة التوجه شرقًا، وتحسين العلاقة مع دول الجوار، وفي مقدمتها السعودية وباقي دول الخليج الأخرى.