الحدث:
شارك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في قمة حلف "الناتو" المنعقدة في واشنطن خلال الفترة من التاسع إلى الـ11 من تموز/ يوليو الجاري، والتي تأتي مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحلف. ورافق "أردوغان" أردوغان" في زيارته وفد ضم وزيري الخارجية، هاكان فيدان، والدفاع، يشار غولر، ورئيس الاستخبارات، إبراهيم قالن، ومدير مكتب الرئاسة، حسن دوغان، وكبير مستشاري الرئيس للسياسات الخارجية والأمن، عاكف تشاغاتاي قيليج، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية، خلوق غورغون، وآخرين.
الرأي:
تعد قمة "الناتو" فرصة لعقد لقاءات ثنائية على هامشها بين "أردوغان" ونظرائه بجوار الملفات التي تناقشها القمة، وفي مقدمتها تعزيز دعم أوكرانيا، ومأسسة عملية الدعم عبر تأسيس منشأة للتدريب والدعم تابعة للحلف في فيسبادن بألمانيا بحيث تكون مخصصة لأوكرانيا، فضلًا عن الحرب في غزة وما يرتبط بها من تداعيات على مسارات الملاحة في البحر الأحمر وحركة التجارة الدولية. كل هذه ملفات حيوية تلعب من خلالها تركيا دورًا هامًا، سواءً في علاقاتها الجيدة مع موسكو وكييف أو مع "حماس" و"طهران"، ما يجعلها إحدى قنوات نقل الرسائل بين هذه الأطراف وبين واشنطن. وقد شدد الرئيس التركي في تصريحات قبيل سفره على أنه سيطرح ملف المجازر في غزة خلال مشاركته في القمة.
إضافةً لهذه الملفات، يحظى ملف الشمال السوري باهتمام تركي كبير في الوقت الراهن حيث سيكون محل نقاش مع الولايات المتحدة، في ظل تخطيط قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لإجراء "انتخابات محلية"، في الـ18 من آب/ أغسطس القادم في المناطق التي تسيطر عليها والخاضعة للنفوذ الأمريكي. فمن جهتها، ترى تركيا في هذا المخطط خطوة نحو تكريس حكم ذاتي للأكراد شمال سوريا، وهو أمر ينذر بتوتر جديد في العلاقات مع واشنطن وقد يدفع أنقرة للتدخل مجددًا.
كما تأتي المشاركة التركية رفيعة المستوى في قمة "الناتو" بعد لقاء "فيدان" بالرئيس الروسي "بوتين" في حزيران/ يونيو الماضي، على هامش قمة مجموعة "بريكس" التي عقدت في موسكو؛ حيث تناول اللقاء عدة ملفات منها عضوية تركيا المحتملة في المجموعة التي تعتبر موسكو أنها تمثل ثقلًا موازنًا للهيمنة الأمريكية والغربية، بينما تأمل أنقرة أن تساهم عضويتها بالمجموعة في تشجيع الاستثمار الأجنبي وزيادة الوصول إلى الأسواق وتحسين النمو الاقتصادي. وهذه أهداف مهمة في ظل المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد التركي، والتي كانت أحد أسباب خسارة "حزب العدالة والتنمية" انتخابات البلديات مؤخرًا.
توازيًا مع ذلك، جاء لقاء "فيدان" و"بوتين" بعد وقت قصير من زيارة الأخير إلى بكين، وتأكيده على رغبة أنقرة في نيل عضوية "منظمة شنغهاي للتعاون". وتعكس تلك اللقاءات حرص تركيا في سياستها على موازنة موقفها بين روسيا والصين من جانب وحلفائها الغربيين من جانب آخر، وذلك بهدف تقليل التداعيات الجيوسياسية للصراعات عليها، والسعي للعب دور وساطة بين الدول المتنازعة دون خسارة أي طرف منها، ما يزيد من أهمية أنقرة وفاعليتها على المسرح السياسي العالمي.