إرسال تركيا قوات عسكرية إلى الصومال سيزيد نفوذها في القرن الأفريقي لكنه قد يواجه معارضة من "حركة الشباب"

الساعة : 13:45
30 يوليو 2024
إرسال تركيا قوات عسكرية إلى الصومال سيزيد نفوذها في القرن الأفريقي لكنه قد يواجه معارضة من

الحدث:

صادق البرلمان التركي في الـ27 من تموز/ يوليو الجاري على المذكرة الرئاسية الخاصة بتكليف عناصر من القوات المسلحة التركية بالخدمة في الصومال لمدة عامين، بهدف دعم أنشطة مكافحة الإرهاب والمساعدة في إعادة هيكلة قوات الدفاع والأمن الصومالية، وذلك ضمن اتفاقية التعاون الدفاعي بين تركيا والصومال.

الرأي:

تأتي المصادقة على إرسال قوات عسكرية إلى الصومال لمدة عامين بعد أيام من الإعلان عن توقيع البلدين اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز، في ثلاث مربعات بالمياه الإقليمية الصومالية التي تمتد سواحلها نحو 3300كلم على المحيط الهندي وخلـيج عـدن. ويعزز هذا فرضية أن القوات التركية الإضافية تهدف لحماية عمليات التنقيب، ما يعني أنها ستضم قوات بحرية لتأمين سفينة "الريس عروج" التركية الخاصة بالتنقيب، التي من المفترض أن تتوجه إلى سواحل الصومال برفقة سفن دعم نهاية أيلول/ سبتمبر القادم.

من جهتها، استثمرت أنقرة تخوف مقديشيو من أديس أبابا إثر توقيع أثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم مطلع العام الجاري، تقضي بمنح أرض الصومال لإثيوبيا حق الوصول إلى 20كلم من سواحلها وبناء قاعدة بحرية عسكرية، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة ذات سيادة. لذلك سارعت مقديشيو بدورها لتوقيع اتفاقية للتعاون الدفاعي مع أنقرة في شباط/ فبراير الماضي لمدة عشر سنوات، وتشمل بناء وتأهيل القوات البحرية الصومالية ومساعدة الصومال في تأمين سواحله.

من جهة أخرى، حاولت أنقرة تخفيف حدة التوتر بين الصومال وأثيوبيا؛ حيث استضافت اجتماعًا بين وزيري خارجية البلدين مطلع الشهر الجاري، لكنه لم يسفر عن شيء. ويتوقع أن يؤدي إرسال سفن تنقيب تركية برفقة قوات عسكرية إلى سواحل الصومال إلى انزعاج أديس أبابا من زيادة التدخل التركي في الصومال، الذي يمثل لأثيوبيا أولوية استراتيجية. بالمقابل، ترى أنقرة أن وجودها في الصومال يتيح لها تعزيز مكاسبها الاقتصادية، كما يفيدها جيوسياسيًا عبر التواجد بالقرب من ممرات نقل الطاقة الدولية، ما يكفل لها دورًا بين الدول الفاعلة في المنطقة. وما يعزز ذلك أيضًا تسلم البحرية التركية مؤخرًا قيادة فرقة العمل المشتركة 151 المختصة بمكافحة أنشطة القرصنة ضد السفن التجارية في خليج عدن وقبالة سواحل الصومال، والمفترض أن يستمر إلى الـ22 من كانون الثاني/ يناير 2025.

ومن المتوقع أيضًا أن يعزز الانخراط التركي في مجال التنقيب عن النفط والغاز أمام السواحل الصومالية، إضافةً لتولي شركات تركية إدارة مطار وميناء مقديشيو، تعزيز سردية "حركة الشباب" بأن تركيا تمارس احتلالًا ناعمًا للصومال وموارده. وقد يدفع ذلك إلى تصعيد من طرف الحركة ضد التواجد التركي بالصومال، خصوصًا في ظل إشراف تركيا منذ عام 2017 على تدريب قوات من الجيش الصومالي في أكاديمية "تركسوم" العسكرية بمقديشيو.

وقد سبق أن هاجمت "حركة الشباب" مقر "تركسوم" عام 2020، ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى، كما قُتل عامل إغاثة تركي في نيسان/ أبريل الماضي جراء انفجار قنبلة استهدفت سيارة تقله. وبالتالي، ينبغي أن يُحسب تعميق الدور التركي بعناية، وأن تكون له فوائد ظاهرة وملموسة في أعين الصوماليين، لتجنب النظر إليه بشكل سلبي مثل غيره من الدول التي تنهب موارد الصومال.