الحدث:
أعلنت حركة "حماس" استشهاد رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، وأحد مرافقيه إثر استهداف مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، فجر الـ31 من تموز/ يوليو 2024، وذلك بعد ساعات من مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان. وجاء اغتيال "هنية" بعد ساعات من استهداف "إسرائيل" القيادي العسكري الأول في "حزب الله"، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية ببيروت، والذي يعد أحد أبرز المقربين للأمين العام للحزب، وتعتبره "إسرائيل" بمثابة رئيس أركان الحزب.
الرأي:
وضعت "إسرائيل" "هنية" على رأس قائمة الاغتيالات كأحد أبرز الشخصيات المسؤولة عن عملية "طوفان الأقصى"، إلى جانب مجموعة من قيادات الحركة أبرزهم: يحيي السنوار ومحمد الضيف وصالح العاروري، الذي تم اغتياله في كانون الثاني/ يناير الماضي في غارة استهدفته في الضاحية الجنوبية في بيروت.
ويعدّ اغتيال "هنية" تطورًا خطيرًا في مسار الحرب، لا سيما وأنه جاء بعد سلسلة من اغتيال قيادات في "حماس" و"حزب الله" والحرس الثوري الإيراني، كان أخرها اغتيال "شكر" في بيروت. من جهتها، تسعى "إسرائيل" من تنفيذ هذه الاغتيالات لأبرز الشخصيات والقيادات في محور المقاومة وفي أماكن متعددة من بيروت حتى طهران، إلى استعادة الردع وتدارك الفشل الاستخباري الكبير الذي أدى إلى سهولة تنفيذ عملية "طوفان الأقصى". أما "نتنياهو" فيسعى بدوره من خلال هذه الاغتيالات، إضافةً إلى ضرب ميناء الحديدة، لانتزاع صورة للنصر المطلق الذي وعد به جمهوره والتأكيد على قدرة "إسرائيل" على مواجهة أعدائها بنفسها أينما كانوا، لا سيما في ظل إصراره على إطالة أمد الحرب وعدم الموافقة على صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب حتى الآن.
بالمقابل، فإن اغتيال "هنية" في طهران والأسلوب المستخدم في العملية قد يقود لرد فعل قوي من إيران وحلفائها، ربما يُخرج المواجهة الدائرة عن قواعد الاشتباك المعروفة حتى الآن بين "إسرائيل" ومحور المقاومة. فتنفيذ الاغتيال في طهران سيدفعها للرد ورفع مستوى المواجهة، وهذا هو التحدي الأول للرئيس الإيراني الجديد وللمؤسستين العسكرية والأمنية. وبالتالي، فإن الاغتيالات في طهران وبيروت تهدد بتوسيع دائرة المواجهة وربما تحولها إلى حرب واسعة، خصوصًا في ظل حالة الغموض حول طبيعة وأسلوب "حزب الله" في الرد المتوقع على عملية اغتيال "شكر" واستهداف الضاحية الجنوبية.
بشكل عام، تتجه المعادلة نحو مزيد من التصعيد وليس الانفراج؛ ليس لأن إيران و"حماس" و"حزب الله" قد يلجؤون لرد تصعيدي فحسب، لكن لأن "نجاح" "نتنياهو" الاستخباري قد دفعه للتأكيد على أن عدم القبول بالضغوط الخارجية هو السبب في مواصلة "إسرائيل" تحقيق أهدافها. ومن ثم فإنه ليس بصدد التخلي عن أولوياته الأمنية، التي لا يقع ضمنها إتمام صفقة التبادل أو الاتفاق على خطة اليوم التالي، لكنه سيواصل العمل على فرض السيطرة الأمنية على القطاع وتدمير قدرات "حماس" العسكرية، وردع "حزب الله" بصورة استراتيجية.