النظام السوري لن يفرّط بأي ثمن في الإنفراجات الدبلوماسية التي حققها من أجل الانخراط في الرد على اغتيال "هنية" و"شكر"

الساعة : 15:15
6 أغسطس 2024
النظام السوري لن يفرّط بأي ثمن في الإنفراجات الدبلوماسية التي حققها من أجل الانخراط في الرد على اغتيال

الحدث:

في ظل استنفار القوات التابعة لإيران في سوريا والمواجهات المحتملة في إطار الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران والقيادي في "حزب الله" ، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت، تعمل القوات المدعومة من إيران في سوريا على تعزيز قواتها؛ حيث أعلنت رفع حالة التأهب للدرجة القصوى لدى جميع القوات وقامت باستدعاء العناصر وقادة المجموعات من جنسيات سورية وغير سورية من إجازاتهم. كما أخلت تلك القوات المقار التابعة لها في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي على الحدود السورية العراقية، ونقلت عربات تحمل راجمات صواريخ من المدينة إلى جهة غير معلومة، وسط تأهب أمني شديد.

بالمقابل، نقلت مصادر إعلامية أن القيادة العسكرية للقوات الحكومية السورية أمرت جميع القطع والثكنات العسكرية على الجبهة الجنوبية المطلة على الجولان المحتل، بعدم استخدامها منطلقًا لاستهداف "إسرائيل"، بهدف تحييدها عن أي مواجهات عسكرية محتملة في المنطقة.

الرأي:

غاب النظام السوري سياسيًا وميدانيًا منذ بداية حرب غزة عن معادلة ساحات المواجهة، وقام بمنع الوقفات والمسيرات المؤيدة لغزة والمناهضة للحرب "الإسرائيلية". وحتى حين تعرضت سوريا لسلسلة ضربات جوية "إسرائيلية" قاسية، كان أبرزها التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان/ أبريل الماضي، تولت إيران مهمة الرد وأطلقت مسيرات وصواريخ بالستية باتجاه "إسرائيل"، في حين اكتفى النظام السوري بالتهديد ولم ينخرط بالرد ولم يكن له أي دور فيه.

كما كان لافتًا أن زعيم "حزب الله"، حسن نصر الله، في خطابه الأخير بعد اغتيال "شكر"، لم يتطرق إلى ذكر سوريا باعتبارها "ساحة" من "ساحات محور المقاومة"، التي قد تنخرط أو تشترك في الرد المحتمل على "إسرائيل". وكذلك الأمر بالنسبة للخطاب الإيراني الذي يتجنب المسؤولون فيه الإشارة إلى أي دورٍ محتمل للنظام السوري في الرد، وهو ما يشير إلى تفاهم بين دمشق ورعاتها على أنها لن تتحمل تبعات الدخول في المواجهة، في ظل قدرة طيران الاحتلال على العمل في الأجواء السورية، وبالتالي قدرته على تدمير ما بقي من بنية النظام، ما قد يؤدي لانهيار وضعه الميداني في مواجهة أعدائه.

من ناحية أخرى، تشير المعطيات إلى أن سعي النظام لإعادة ترميم العلاقة مع الدول العربية، خصوصًا الإمارات والسعودية، قد يساهم في تجنب هذه المواجهة مقابل الحصول على مزايا من تلك الدول الراغبة في حصر المواجهة في غزة. هذا، إضافةً إلى معلومات أشارت إلى وجود مفاوضات مباشرة وغير مباشرة جرت بين الجانبين السوري والأمريكي، تتعلق بإطلاق محتجزين أمريكيين في سوريا، قد تكون ألزمت النظام بتجنب خطوات محور المقاومة، بحثًا عن إمكانية وقف العمل بقانون قيصر ورفع العقوبات عنه.

بالمحصلة، لا تزال الخطوات التي يتبعها "الأسد" قابلة للتفهم من قبل إيران والمحور طالما لم يتطور الموقف إلى حرب إقليمية موسعة، لكن في حال توسع الحرب سيكون النظام في دمشق أمام موقف صعب؛ حيث ستضيق الخيارات أمامه بشدة وقد يكون خياره الوحيد هو الاستعانة بالتواجد الروسي لمنع إيران و"حزب الله" من استخدام أراضيه.