الحدث:
وقّع وزيرا الدفاع التركي والعراقي، منتصف آب/ أغسطس الجاري، مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب بين البلدين، حيث وصف وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، المذكرة بأنها الأولى من نوعها بين البلدين، وذلك في ختام ترأسه للاجتماع الرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى والاجتماع الأول لمجموعة التخطيط التركية - العراقية المشتركة، مع نظيره التركي، هاكان فيدان. كما شارك في الاجتماع من الجانب التركي وزير الدفاع، يشار غولر، ومدير الاستخبارات، إبراهيم قالن، ونائب وزير الداخلية، منير كارال أوغلو.
الرأي:
يأتي توقيع مذكرة التعاون الأمني والعسكري بين تركيا والعراق كأحد مخرجات زيارة الرئيس التركي "أردوغان" إلى بغداد في نيسان/ أبريل الماضي، والتي كانت تهدف إلى معالجة عدد من القضايا العالقة، وفي مقدمتها ملف "حزب العمال الكردستاني" (بي كا كا)؛ حيث أوكلت متابعته إلى اللجان الوزارية والفنية المختصة. وفي ظل إمساك وزارة الخارجية التركية في عهد "فيدان" بالملفات الخارجية بدلًا من جهاز الاستخبارات، فقد أشرف على تنسيق الإجراءات المطلوبة مع الجانب العراقي الحريص على إنجاح مشروع "ممر التنمية"، وتعزيز مركزية حكومة بغداد بما يتضمنه ذلك من تعزيز الإجراءات ضد "الحزب" الذي ينشط شمال العراق.
وقبيل اجتماع اللجان الثنائية، وبناءً على توصيات الأجهزة الأمنية العراقية، أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي في السادس من الشهر الجاري، حظر أنشطة أحزاب "الحرية والديمقراطية اليزيدية"، و"جبهة النضال الديمقراطي" و"حرية مجتمع كردستان" ومصادرة ممتلكاتها، نظرًا لارتباطها بـ"حزب العمال الكردستاني" ، وهو ما رأت فيه أنقرة خطوة إيجابية، فيما تدفع لإنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد، وآخر للتدريب والتعاون في مدينة بعشيقة شمال العراق، لتعزيز جهود مكافحة "بي كا كا"، بالتوازي مع استمرار عملياتها العسكرية ضمن عملية "المخلب والقفل"، التي تتضمن شن غارات جوية وقصف مدفعي وعمليات تمشيط لمعاقل الحزب في مناطق جبلية وعرة بكردستان العراق.
من جهتها، ترى واشنطن أن التقارب التركي العراقي يمثل ثقلًا موازيًا لدور إيران في العراق، وبالتالي لا تمانع في تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين، لكنها ترفض السماح لتركيا بشن عملية عسكرية ضد عناصر "بي كا كا" في سوريا، الذين يعملون تحت مظلة "قسد"؛ حيث تعتمد عليهم القوات الأمريكية في حماية وجودها داخل سوريا، ومواجهة بقايا خلايا "تنظيم الدولة"، فضلًا عن استخدامهم كورقة في الملف السوري بما يمنع الأطراف الأخرى من الاتفاق على حلول للأزمة السورية بمعزل عن واشنطن ومصالحها.