تأجيل انسحاب التحالف الدولي من العراق سيستفز الميليشيات العراقية ويدفعها لتكثيف هجماتها ضد القوات الأمريكية

الساعة : 15:45
19 أغسطس 2024
تأجيل انسحاب التحالف الدولي من العراق سيستفز الميليشيات العراقية ويدفعها لتكثيف هجماتها ضد القوات الأمريكية

الحدث:

أعلنت وزارة الخارجية العراقية تأجيل إعلان الجدول الزمني لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق، بسبب "التطورات الأخيرة"؛ حيث أوضح بيان صادر عن الوزارة أنه "لم يبق سوى الاتفاق على تفاصيل وموعد الإعلان عن الانسحاب، وبعض الجوانب اللوجستية الأخرى، وكنا قريبين جدًا من الإعلان عن هذا الاتفاق، لكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان". وذكر مسؤول بالوزارة لوكالة "رويترز" أنه "من المتوقع الإعلان عن انتهاء وجود قوات التحالف في أوائل أيلول/ سبتمبر 2025، مع احتمال بقاء بعض القوات الأمريكية بصفة استشارية وفق تفاوض جديد". من جانبه، قال المستشار الإعلامي لـ"مسعود بارزاني" في إقليم شمال العراق: "إننا نعتقد أن العراق غير مؤهل لخوض المعركة مع داعش بمفرده لأنه نشط حاليًا"، مضيفًا أن "الصراع بين حزب الله وإيران وإسرائيل ساعد التنظيم على تفعيل أنشطته".

الرأي:

بموجب هذا الإعلان سيبقى العراق تحت مظلة الولايات المتحدة التي ستوفر لبغداد حماية من التحديات الأمنية، المتمثلة في بقايا خلايا "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، لكنه في الوقت نفسه يستفز الفصائل العراقية المسلحة التي طالما ضغطت على الحكومة العراقية لسحب قوات التحالف الدولي من البلاد. بالمقابل، يرى آخرون أن بقاء قوات التحالف الدولي سيكون عاملًا لإبعاد أي طرف يخطط لملء الفراغ الأمني؛ حيث يفترض هؤلاء أن غياب قوات التحالف سيمهّد لسيطرة الميليشيات الموالية لإيران على المشهد السياسي العراقي.

من ناحية أخرى، يمكن القول إن تأجيل انسحاب قوات التحالف يأتي بسبب تهديدات إيران بضرب "إسرائيل"، على خلفية اغتيال رئيس حركة "حماس"، إسماعيل هنية، لكن من الواضح أن عدم الإعلان عن الانسحاب يعتبر رغبة أمريكية، نتيجةً لهذه الظروف الأمنية بالغة الحساسية التي تتطلب بقاء القوات الأمريكية في المنطقة. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات الأمريكية العراقية حول الانسحاب التدريجي بمجرد أن تخف حدة التوترات الإقليمية بشكل كبير، لكن الجدول الزمني للانسحاب على الأغلب سيعتمد على دائرة الانتقام المستمرة بين إيران و"إسرائيل"، وسيتوقف على مدى خفض التصعيد الإقليمي على نطاق أوسع.

ولا شك أن هذه الخطوة لا تخدم الاستراتيجية الإيرانية الإقليمية التي تضع إبعاد التواجد الأمريكي عن المنطقة كأحد أولوياتها الأمنية؛ حيث ازداد ذلك التواجد بقوة كأحد الآثار الجانبية لحرب غزة التي استدعت زيادة التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة. بدورها، ستواصل الميليشيات العراقية المدعومة من إيران استهداف القوات الأمريكية في العراق، سواءً كجزء من انتقام منسق مع إيران ردًا على اغتيال "هنية"، أو احتجاجًا على الوجود الأمريكي في البلاد. وبالتالي، ستظل تلك الميليشيات متمسكة بالضغط على واشنطن لتسريع الانسحاب، وإن كانت وتيرة تلك الهجمات ستكون متفاوتة وستخضع في بعض الأحيان لمجمل الاستراتيجية الإيرانية الأوسع في إدارة الصراع الحالي.