الحدث:
أعلنت الشرطة "الإسرائيلية" أن التفجير الذي حدث مساء أمس الأحد في "تل أبيب" ناتج عن "عملية عدائية" بعبوة ناسفة شديدة الانفجار، وفقًا للتحقيقات الأولية. ورجحت الشرطة أن المنفذ كما يبدو وصل من منطقة نابلس في الضفة الغربية، مشيرةً إلى مقتل شخص لا يزال مجهول الهوية، وإصابة أحد المارة بجروح متوسطة، كما رفعت حالة التأهب في منطقة "تل أبيب" الكبرى. وأضاف بيان للشرطة أن "ما حدث أمس في تل أبيب صعب وخطير"، معتبرًا أن معجزة كبيرة حدثت بأن الهجوم لم ينته بعشرات القتلى. من جانبها، أعلنت "كتائب القسام"، بالاشتراك مع "سرايا القدس" تنفيذ العملية الاستشهادية، مؤكدةً أن العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل ستعود للواجهة طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرت سياسة الاغتيالات.
الرأي:
أحدثت العملية حالة من الارتباك والصدمة وسط الأجهزة الأمنية؛ حيث تشير تحقيقات أولية إلى أن المنفذ كان يحمل عبوة ناسفة شديدة الانفجار، لكن على ما يبدو حدث خلل في آلية تشغيل العبوة ما أدى لانفجارها قبل وصوله للهدف؛ حيث يوجد في المنطقة كنيس قريب ومركز تجاري، وفقًا للشرطة التي رجحت أنها من الممكن أن تكون من الأهداف المحتملة للمنفذ.
ويعد وصول المنفذ إلى "تل أبيب" وسط حالة الاستنفار الأمني الشديدة والترقب التي تسود في "إسرائيل"، اختراقًا كبيرًا للإجراءات الأمنية، وهو الأمر الذي دفع أحد ضباط الشرطة "الإسرائيلية" للحديث عن أعجوبة ومعجزة، بانفجار العبوة نتيجة لخلل تقني قبل بلوغ المنفذ الهدف أو المكان الذي كان ينوي استهدافه، وإلا كان بإمكان هذا الحدث أن ينتهي بعشرات القتلى، وفقًا للضابط "الإسرائيلي".
إلى ذلك، من المرجح أن تستنفر العملية الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية"؛ حيث سارع جهاز "الشاباك" بالدخول على خط التحقيقات؛ لأن نجاح المنفذ في الوصول إلى العمق "الإسرائيلي" وهو يحمل عبوة ناسفة أعاد للأذهان شبح العمليات الفدائية والاستشهادية، التي كان ينفذها الفلسطينيون في العمق "الإسرائيلي"، خاصة خلال انتفاضة الأقصى الثانية منذ عام 2000 حتى عام 2005 تقريبًا، حيث نفذت فصائل المقاومة الفلسطينية سلسلة من العمليات الفدائية في قلب المدن "الإسرائيلية"، والتي كان أبرزها؛ عملية الاستشهادي "عبد الباسط عودة"، التي قُتل فيها نحو 30 "إسرائيلي" وأصيب العشرات.
وفي ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، ستظل احتمالية عودة شبح العمليات الاستشهادية في العمق "الإسرائيلي" مرتفعة، خصوصًا في حال وجود قرار رسمي بذلك من قبل الأجنحة العسكرية الرئيسية لفصائل المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا "كتائب القسام" و"سرايا القدس"، التي كانت قادت تنفيذ هذه العمليات في بداية الألفية قبل تحوّلها عن هذا الأسلوب.
ومن المرجح أيضًا أن نشاهد عمليات فردية من هذا النوع في ظل القيادة اللامركزية تقريبًا لمجموعات المقاومة في الضفة الغربية، الأمر الذي سيعيد الوضع الأمني في "إسرائيل" إلى تلك الحقبة الزمنية ويفرض مزيدًا من الضغوط على حكومة "نتنياهو"، في ظل صعوبة منع هذا النوع من العمليات بالكامل في العمق "الإسرائيلي".
وبالتالي، سيشكل سيناريو عودة العمليات الاستشهادية في عمق المدن "الإسرائيلية" تحديًا قديمًا جديدًا بالنسبة للمنظومة الأمنية "الإسرائيلية"، ورفع المواجهة لمستوى جديد لا سيما في ساحة الضفة والتي ستكون الأقدر على الانخراط في تنفيذ هذا النوع من العمليات.