الحدث:
تجدّد القتال في مدينة دير الزور بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من جهة و"قوات العشائر" العربية في المنطقة من جهة أخرى؛ حيث باغتت "قوات العشائر" قوات "قسد" في بلدة ذيبان، مسقط رأس الشيخ "إبراهيم الهفل" وبيت المشيخة لقبيلة العكيدات، واستولت على حواجز ومُعدّات عديدة. وامتدّت المعاركُ إلى بلداتٍ أخرى أبرزها البوليل في الضفّة الغربية لنهر الفرات، ما دفع "قسد" إلى الردّ العنيف. من جانبها، قصفت قوات النظام بعض البلدات (جديدة وبكارة والبوليل)، مخلّفةً مجزرةً بين السكّان المدنيين راح ضحيتها نحو 12 مدنيًا، فضلًا عن الإصابات.
الرأي:
تأتي هذه المواجهات بعد عام من المواجهات الدامية التي وقعت في آب/ أغسطس 2023 بين الأطراف نفسها، بعد اعتقال "قسد" رئيس مجلس دير الزور العسكري، أحمد الخبيل (أبو خولة)، وتبع ذلك معارك لم تكن بسبب اعتقال "الخبيل" فقط؛ فقد كان الاعتقال سببًا لفتح العديد من القضايا المتراكمة والمتمثلة في المظلومية التي تتعرض لها العشائر العربية في مناطق سيطرة "قسد".
وقد شارك في هذا الهجوم، إلى جانب "قوات العشائر العربية" التي يقودها "الهفل"، حركة "أبناء الجزيرة والفرات" التي يقودها "هاشم السطام" الذي يتبع للحرس الثوري الإيراني، إضافةً للواء الباقر الذي يقوده "نواف البشير" المدعوم إيرانيًا، وقوات الدفاع الوطني التي تشكل قوات رديفة للنظام السوري من أبناء المنطقة، وقد ساهمت قوات النظام بالقصف المدفعي والصاروخي من قواعده في منطقة "البوليل" على الجانب الغربي من الفرات.
ومن خلال هذا الهجوم سيطرت قوات العشائر على نقاط "قسد" في بلدات وقرى ذيبان وأبو حمام وغرانيج وشعيطات والكشكية، وهو تقدم أكبر من الهجمات السابقة التي اقتصرت على بعض المناوشات، حتى إنه يعتبر أكبر من هجوم آب/ أغسطس 2023. وقد بدا واضحاً عدم تدخل التحالف بقصف القوات المهاجمة لأن القواعد الأمريكية وقواعد التحالف لم تُستهدف بشكل مباشر حتى الآن.
جدير بالذكر أن مدينة دير الزور تشكل أهمية استراتيجية لإيران؛ فهي نقطة الاتصال البري الوحيدة التي تربط طهران ببيروت مرورًا ببغداد ودمشق، وهو ما يفسر مشاركة قوات النظام والقوات المدعومة من إيران في هذه الجولة من المعارك. ومن المرجح أن يكون لهذه المعركة أبعاد إقليمية خارجية إضافةً لأبعادها الداخلية؛ حيث ستخدم مسار التقارب بين أنقرة والنظام السوري، ناهيك عن الرسائل التي تم توجيهها للقوات الأمريكية في المنطقة في ظل التصعيد "الإسرائيلي"-الإيراني في هذه الأيام.