الحدث:
قُتل رئيس دائرة الاستجواب التابعة للشرطة الإيرانية، حسين بيري، في مدينة خاش بمحافظة سيستان وبلوشستان؛ حيث أطلق ثلاثة مسلحين الرصاص عليه قرب منزله، فيما تبنى "جيش العدل" البلوشي في الـ23 من آب/ أغسطس الجاري تنفيذ الهجوم.
الرأي:
يأتي الحادث ضمن سلسلة هجمات "جيش العدل" ضد كوادر ومقرات أجهزة الأمن في محافظة سيستان وبلوشستان؛ فقد سبقه بأيام مقتل جندي أثناء اشتباك بين عناصر مركز شرطة مدينة "زاهدان" ومسلحين، وذلك ضمن الصراع الذي تخوضه بعض التنظيمات البلوشية للمطالبة بحقوق البلوش في إيران، والبالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين شخص بما يعادل 4.5% من إجمالي سكان إيران.
تجدر الإشارة إلى أن البلوش يمثلون مركزية داخل التواجد السني الإيراني؛ حيث يقدر عدد السنة بنحو 15 مليون نسمة، ويعد المسجد المكي في زاهدان، وإمامه "مولوي عبد الحميد زاهي"، المركز الأبرز للسنة في إيران، ويبرز صوت "زهي" كمتحدث في القضايا الاجتماعية والسياسية، وفي المطالبة بحقوق السنة والبلوش وتخفيف القمع، لكنه لا يدعم الأعمال المسلحة.
وإضافةً إلى الاختلاف العرقي والمذهبي، تنظر السلطات في طهران بمنظور أمني لمحافظة سيستان وبلوشستان الحدودية النائية، فيما تدفع الصعوبات الاقتصادية وانتشار الفقر شرائح من السكان للعمل في تهريب الوقود والمخدرات عبر الحدود مع باكستان وأفغانستان، وهو ما تتعامل معه قوات الأمن بصرامة، ما يؤدي لانتشار حوادث مقتل المهربين فضلًا عن تنفيذ أحكام بالإعدام بحق عدد كبير منهم سنويًا. هذا، إضافةً إلى تعيين المسؤولين في المراكز القيادية من غير أبناء المحافظة، ما نشر شعورًا بين البلوش بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهي أمور وفرت للجماعات المسلحة البلوشية حاضنة اجتماعية داعمة، وعززها وجود قواعد خلفية للتدريب والإمداد اللوجستي داخل المناطق البلوشية في باكستان.
رغم ذلك، يوجد بصيص أمل بأن يتبنى الرئيس الإيراني الجديد "بزشكيان"، المنتمي لأصول آذرية وكردية، سياسات جديدة تجاه بلوشستان تحتوي حالة الاحتقان؛ حيث يساهم استمرار السياسة الأمنية وسياسات التهميش في زيادة تحفيز المشاعر العرقية والطائفية، وبالتالي استمرار الهجمات ضد مقرات وعناصر الشرطة والحرس الثوري، دون حلول في الأفق المنظور.