الحدث:
كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" قررت تصنيف الضفة الغربية كـ"ساحة قتال"، واعتبارها الجبهة القتالية الثانية الأكثر أهمية مباشرةً بعد قطاع غزة، مشيرةً إلى أن قوات الاحتلال تنوي تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية في جميع أنحاء الضفة. وتابعت الصحيفة أن الأحداث الأخيرة أدت إلى تحول كبير في السياسة "الإسرائيلية"، وأقنعت كبار المسؤولين بأن هذا الموقف لم يعد قابلًا للاستمرار في التعامل مع الضفة، بعد أن كانت تعتبرها في السابق "ساحة ثانوية".
الرأي:
يأتي هذا التوجه "الإسرائيلي" عقب بدء العملية العسكرية "مخيمات الصيف" شمال الضفة التي تركز على جنين وطولكرم ومخيماتهما، وذلك بعد أن كان التوجه "الإسرائيلي" هو تحييد جبهة الضفة ومنعها من الانخراط في الحرب على قطاع غزة. لكن توسع هجمات المقاومة نحو جنوب ووسط الضفة زاد من خشية أجهزة الاحتلال الأمنية من تحولها إلى قنبلة موقوته قابلة للانفجار، وبالتالي فقد دفع المنظومة الأمنية والعسكرية للاتجاه لهذا التصنيف.
بالمقابل، فإن هذا التوجه "الإسرائيلي" يشير إلى إقرار ضمني بأن الاستراتيجية الأمنية المعروفة باسم "جز العشب" لم تعد ملائمة للتطورات الراهنة؛ حيث نجحت مجموعات المقاومة في الانتشار بشكل أفقي شمال الضفة بعد أن كانت تتركز في مخيم جنين. ورغم الضربات القوية التي تلقتها تلك المجموعات فقد تمكنت من الانتشار نحو مناطق جديدة؛ مثل طولكرم والأغوار ونابلس وغيرها. كما إن هذا التصعيد من قبل الاحتلال يشير إلى خشيته من انتقال نموذج شمال الضفة لجنوبها، بعد العملية المزدوجة وعملية جاحز ترقوميا في الخليل والهجوم الذي تم إحباطه في عطيرت قرب رام الله.
إن صدمة الفشل الأمني في السابع من أكتوبر ما زالت تحكم عقلية الاحتلال الأمنية، وتجعلها تميل لاتخاذ أقصى درجات الفعل الاستباقي في مواجهة أي تهديدات محتملة، في محاولة لتلافي تكرار الخلل في النظرية الأمنية "الإسرائيلية" ومحاولة استعادة قوة الردع في كافة الساحات. إضافةً لذلك، فإن تحويل الضفة لساحة قتال سيعمل على تقويض السلطة الفلسطينية بشكل أكبر، وسيطلق يد العنان للاستيطان وخطط الضم والتهجير التي يسعى لها أعضاء الحكومة الحالية المتطرفة.
من جهة أخرى، فإن قرار تحويل الضفة لساحة قتال يعني فشل "إسرائيل" في تحييد الضفة عن الحرب ضد القطاع، وسوف يثقل كاهل الجيش "الإسرائيلي" الذي سيعطي لها أولوية قتالية أكبر في ظل قتاله على ثلاث جبهات رئيسية؛ الجنوب والشمال والضفة. لكنّ هذا على الأرجح لن يؤثر بصورة ملموسة على مستوى العمليات الراهنة، سواء في غزة أو الجبهة الشمالية ضد "حزب الله".